ثم ذكر بإسناده إلى عبد الله بن علي بن المديني، قال: سألت أبي عن حديث رواه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن ابن جريج، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عُرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد".
قال: ابن جريج لم يسمع من المطلب بن عبد الله بن حنطب، كان يأخذ أحاديثه عن ابن أبي يحيى عنه.
ثم ذكر الخطيب مثالًا للأعمش، ومثالًا لسفيان بن عيينة.
قلت: وسعيد بن أبي عروبة لم يسمع من هؤلاء الرواة الذين ذكرهم أحمد، وروى عنهم بصيغة موهمة كالعنعنة، ولم يبين أنه لم يسمع منهم، فاطلق الخطيب على ذلك اسم التدليس.
وكذلك أطلق الخطيب اسم التدليس على رواية ابن جريج عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، لأنه لم يسمع منه، وروى عنه بصيغة موهمة، ولم يبين أنه لم يسمع منه.
وتعريف الخطيب للتدليس والإرسال ليس فيه دليل على أن رواية الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه يُطلق عليها الإرسال فقط، ولا يُطلق عليها التدليس.
فالخطيب البغدادي قال في تعريف "تدليس الإسناد": "هو تدليس الحديث الذى لم يسمعه الراوي ممن دلسه عنه"، وهذه الصورة تشمل رواية الراوي عن شيخه الذى سمع منه مالم يسمع منه، وتشمل أيضًا رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه.
والفرق بين التدليس والإرسال عند الخطيب هو وجود الإيهام في التدليس، وعدم وجوده في الإرسال.
وقول الخطيب في تعريف الإرسال:"إرسال الحديث الذى ليس بمُدلس" أي ليس فيه إيهام. فالراوي المُرسل يبين في روايته أنه لم يسمع ممن روى عنه، فيقول مثلًا:"أُخبرت عن فلان"، "أو" بلغني عن فلان"، أما المدلس فيقول: