للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

"الكفاية" (ص ١٠٩): ومذاهب النقاد للرجال غامضة دقيقة وربما سمع بعضهم في الراوي أدنى مغمز فتوقف عن الاحتجاج بخبره، رجاء إن كان الراوي حيًا أن يحمله ذلك على التحفظ … وإن كان ميتًا أن ينزله من ينقل عنه منزلته فلا يلحقه بطبقة السالمين من ذلك المغمز … ".

وقال السلفي: "كان مع عسره متكلمًا فيه … ".

والعَسِر في الرواية هو الذي يمتنع من تحديث الناس إلا بعد الجهد وهذه الصفة تنافي التزيد ودعوى سماع مالم يسمع، إنما يدعي سماع مالم يسمع من له شهوة شديدة في ازدحام الناس عليه وتكاثرهم حوله، ومن كان هكذا كان من شأنه أن يتعرض للناس يدعوهم إلى السماع منه ويرغبهم في ذلك، فأما من يأبى التحديث بما سمع إلا بعد جهد فأي داع له إلى التزيد؟

وأما الأمر الثاني وهو قضية كتاب "الزهد" فقد قال السلفي عقب ما مر عنه: "حدث بكتاب الزهد بعد عدم أصله من غير أصله" فدل هذا على أنه كان لابن المذهب أصل بكتاب ولكن عدمه وبقيت عنده نسخة بخطه فلعله كان عارضها باصله أو أصل آخر علم مطابقته لأصله. ويقوي ذلك أن الخطيب نفسه سمع منه كتاب الزهد وروى منه أشياء.

وأما الأمر الثالث وهو قول الخطيب: "ليس بمحل للحجة" فحاصله أنها لا تقوم الحجة بما يتفرد به، وهذا لا يدفع أن يعتمد عليه في الرواية عنه من مصنف معروف كالمسند والزهد، وسيأتي في ترجمة عبد العزيز بن الحارث طعنهم فيه وتشنيعهم عليه وتشهيرهم به بسبب حديثين نسبهما إلى المسند وهم يرون أنهما ليسا منه، ولم يغمزوا ابن المذهب بشيء ما من هذا القبيل، وذلك يدل أوضح دلالة على علمهم بمطابقة نسختيه اللتين كان يروي منهما المسند والزهد لسائر النسخ الصحيحة فالكلام فيه وفى شيخه لا يقتضي أدنى خدش في صحة المسند والزهد، فليخسأ أعداء السنة.

وأما الخبران اللذان ذكرهما الخطيب، فالذى يظهر لي أن ابن المذهب كان

<<  <   >  >>