للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتعاطى التخريج من أصول بعض الاحاديث فيكتب الحديث من طريق شيخ من شيوخه ثم يتصفح أصوله فإذا وجد ذاك الحديث قد سمعه من شيخ آخر بذاك السند كتب اسم ذاك الشيخ مع اسم الشيخ الأول في تخريجه وهكذا، وهذا الصنيع مظنة للغلط كأن يريد أن يكتب اسم الشيخ على حديث فيخطئ فيكتبه على حديث آخر، أو يرى السند متفقًا فيتوهم أن المتن متفق، وإنما هو متن آخر، وأشباه ذلك، وقد قال ابن معين: من سمع من حماد بن سلمة الأصناف ففيها اختلاف، ومن سمع منه نسخًا فهو صحيح. وقال يعقوب بن سفيان في سليمان ابن عبد الرحمن الدمشقي: كان صحيح الكتاب إلا أنه كان يحول، فإن وقع فيه شيء فمن النقل وسليمان ثقة.

والمراد بأصناف حماد وتحويل سليمان نحو ما ذكرت من التخريج، وكأن ابن المذهب شعر بهذا من نفسه ولذلك ضرب على الاسم.

وأما إلحاقه ما كان يذكر له الخطيب من أنساب غير المنسوبين فتساهل لا يوجب الجرح ولكنه يدل على أن ابن المذهب لم يكن بمتيقن وأنه كان فيه سلامة وحسن ظن بالخطيب ومعرفته، ولا نشك أن الخطيب لم يكن يذكر له من الأنساب إلا ما يستيقنه فالخطب إن شاء الله تعالى سهل. وعلى كل حال فلم ينصف ابن الجوزي إذ ينقم على الخطيب ما ذكره في ابن المذهب، ويزعم أن هذه الأمور كلها ليس فيها ما يستحق الذكر في ترجمة الراوي وأن الخطيب إنما جرى على عادة عوام المحدثين يجرحون بما ليس بجرح مع ميل من الخطيب عن الحنابلة. كذا قال! فهو لا يتهم الخطيب فيما حكاه، وإنما يتهمه في اعتداده بهذه الأمور. ومن عرف وأنصف علم أن الخطيب لم يخرج عن طريق أئمة النقاد وأنه مع ذلك لم يعتد بهذه الأمور مسقطًا للرواية البتة. وإنما قال" ليس بمحل للحجة" وقد قدمت ما يبين ذلك ويهونه والله المستعان (١).


(١) "التنكيل" (١/ ٢٤١ - ٢٤٤).

<<  <   >  >>