للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثقات المدلسون الذين كانوا يدلسون في الأخبار مثل قتادة، ويحيى بن أبي كثير، والأعمش، وأبو إسحاق، وابن جريج، وابن إسحاق، والثوري، وهشيم، ومن أشبههم ممن يكثر عددهم من الأئمة المرضين وأهل الورع في الدين، كانوا يكتبون عن الكل ويروون عمن سمعوا منه، فربما دلسوا عن الشيخ بعد سماعهم عنه عن أقوام ضعفاء، لا يجوز الاحتجاج بأخبارهم، فما لم يقل المدلس وإن كان ثقة حدثني أو سمعت فلا يجوز الاحتجاج بخبره.

وهذا أصل أبي عبد الله محمدبن إدريس الشافعي -رحمهُ اللهُ- ومن تبعه من شيوخنا، قد ذكرت هذه المسألة بكاملها والأسُئلة والأجوبة والعلل والحكايات في كتاب شرائط الأخبار فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا الكتاب (١).

قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السعد حفظه الله: لابد من تحديد نوع التدليس لأن كل تدليس يعامل بخلاف الآخر. فإذا حدد نوع التدليس الذى وصف به هذا الراوي فالذى ينبغي عمله هو:

١ - هل هو مكثر من هذا التدليس أو مقل؟ فمن المعلوم إذا كان مقلًا من هذا النوع من التدليس يُعامل غير ما لو كان مكثرًا.

قال يعقوب بن شيبة السدوسي: سألت علي بن المديني عن الرجل يدلس أيكون حجة فيما لم يقل حدثنا؟ قال: إذا كان الغالب عليه التدليس فلا حتى يقول: حدثنا. اهـ من "الكفاية" (صـ ٣٦٢).

وما ذهب إليه علي بن المديني ظاهر لأنه إذا كان مقلًا من التدليس فالأصل في روايته الاتصال واحتمال التدليس نادر، فلا يذهب إلى القليل النادر ويترك الأصل والغالب. ولأنه أيضًا يكثر من الرواة الوقوع في شيء من التدليس فإذا قيل لابد في قبول حديثهم من التصريح بالتحديث منهم رُدت كثير من الأحاديث الصحيحة.

ولذلك لم يجر العمل عند من تقدم من الحفاظ أنهم يردون الخبر بمجرد العنعنة


(١) "مقدمة المجروحين" (صـ ٩٢).

<<  <   >  >>