للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ممن وصف بشيء من التدليس، ودونك ما جاء في الصحيحين وتصحيح الترمذي وابن خزيمة وغيرهم من الحفاظ.

وأما ما قاله أبوعبد الله الشافعي في "الرسالة" (صـ ٣٧٩ - ٣٨٠): ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لناعورته في روايته … فقلنا لا نقبل من مدلس حديثًا حتى يقول فيه: حدثني أو سمعت". اهـ

فهذا الأقرب أنه كلام نظري، بل لعل الشافعي لم يعمل به هو، فقد روى لابن جريج في مواضع من كتبه بعضاَ محتجاَ به بالعنعنة، ولم يذكر الشافعي أن ابن جريج سمع هذا الخبر ممن حدث عنه، ينظر (٤٩٨، ٨٩٠، ٩٠٣) من "الرسالة"، وأبو الزبير أيضًا ينظر (٤٩٨، ٨٨٩)، والأمثلة على هذا كثيرة لمن أراد أن يتتبعها.

وقال أبو حاتم بن حبان في مقدمة صحيحه كما في "الإحسان" (١/ ١٦١) نحوًا مما قال الشافعي، ويجاب عليه كما أجيب عن قول الشافعي.

وعمل الحفاظ على خلاف هذا كما تقدم. ولذلك قال يحيى بن معين عندما سأله يعقوب بن شيبة عن المدلس أيكون حجة فيما روى، أو حتى يقول: حدثنا وأخبرنا، فقال: لا يكون حجة فيما دلس. اهـ من "الكفاية" (صـ ٣٦٢).

يعني إذا دل الدليل على أنه دلس في هذا الخبر لا يحتج به، وليس حتى يصرح بالتحديث.

ولذلك قال يعقوب بن سفيان في "المعرفة" (٢/ ٦٣٧): (وحديث سفيان وأبي إسحاق والأعمش مالم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة) (١).

قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد حفظه الله: قال الشافعي رحمهُ اللهُ في "الرسالة" (صـ ٣٧٩): "ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته في روايته وليس تلك العورة بالكذب فنرد بها حديثه ولا النصيحة في الصدق فنقبل منه ما قبلنا من أهل


(١) "منهج المتقدمين في التدليس" للشيخ ناصر بن حمد الفهد (صـ ٢٢ - ٢٣).

<<  <   >  >>