للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

النصيحة في الصدق، فقلنا لا نقبل من مدلس حديثًا حتى يقول فيه حدثني أو سمعت". اهـ

وهذا القول للشافعي رحمهُ اللهُ تعالى لا يوافقه عليه أئمة الحديث كما سبق ونقلت عن الإمام أحمد وابن المديني وابن معين والفسوي وغيرهم، والشافعي رحمهُ اللهُ تعالى من فقهاء الملة وعلماء الإسلام ولكنه لم يكن في معرفته للحديث كأولئك الحفاظ، كما قال هو رحمهُ اللهُ تعالى، فقد قال الإمام أحمد كما في "العلل ومعرفة الرجال" (١/ ٤٦٢): "قال لنا الشافعي: أنتم أعلم بالحديث والرجال مني فإذا كان الحديث صحيحًا فأعلموني إن شاء يكون كوفيًا أو بصريًا أو شاميًا حتى أذهب إليه إذا كان صحيحًا". اهـ

ولو أخذنا بقول الشافعي رحمهُ اللهُ تعالى لرددنا أحاديث صحيحة كثيرة لم يردها حتى من الشافعية أنفسهم فإنهم لما قسموا مراتب المدلسين جعلوا المراتب الأولى من وقع الاتفاق على قبول (عنعنتهم) مع أنهم دلسوا، فدل على أن هذا القول لم يقل به أحد حتى من أهل مذهبه.

٢ - وهناك بعض النقولات عن بعض السلف في بعض المواضع كان يقول فيها أحدهم" كنت لا أقبل منه إلا ما قال فيه حدثنا) كقول شعبة مثلًا في قتادة، وعفان بن مسلم في المقدمي، ويحيى القطان في الثوري، وغيرها، وكلها تدل على مذاهب خاصة لهؤلاء وهى الزيادة في التثبت واليقين، ولكن هذا كله لا يدل على تعميم هذه النقول في جميع المدلسين لما سبق ذكره عن أئمة الشأن، كما أنه قد فقدت العبارات المتيقنة التى أصدرها المدلس، فلا يدرى هل صرح بالتحديث في موضع العنعنة أو لم يصرح وليس أحدهما بأولى من الآخر، بل إن تصريحه بالتحديث أولى ما دام لم يغلب التدليس على مجموع مروياته فيترجح الاتصال حتى يتبين الانقطاع بدليل آخر.

وفى الجملة: فهذه النقول من أراد أن يستدل بها على عنعنة المدلس مطلقًا فإنه لا يسعفه عليه تطبيقات الأئمة كما سيأتي إن شاء الله تعالى وعمل الأئمة هو

<<  <   >  >>