للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يروي هذا الحديث عن الحسن بن عمارة عنه، فإسقاط الحسن بن عمارة لكونه ضعيفًا تسوية. انتهى (١).

قال ابن حجر: ومثال مالا يدخل في التدليس ما ذكره ابن عبد البر وغيره أن مالكًا سمع من ثور بن يزيد أحاديث عن عكرمة، عن ابن عباس - رضى الله عنهما- ثم حدث بها عن ثور عن ابن عباس، وحذف عكرمة، لأنه كان لا يرى الاحتجاج بحديثه. فهذا مالك قد سوى الإسناد بإبقاء من عنده ثقة، وحذف من ليس عنده بثقة، فالتسوية قد تكون بلا تدليس، وقد تكون بالإرسال، فهذا تحرير القول فيها.

وقد وقع هذا لمالك في مواضع أخرى، ثم ذكر هذه المواضع (٢). ثم قال: فلو كانت التسوية تدليسًا لعُد مالك في المدلسين، وقد أنكروا على من عده فيهم.

قال ابن القطان: ولقد ظُن بمالك على بعده عنه عمله.

وقال الدَّارقُطْنِي: أن مالكًا ممن عمل به وليس عيبًا عندهم.

وإذا تقرر ذلك، فقول شيخنا (٣) في تعريف التسوية، تعريف غير جامع، بل حق العبارة أن يقول: "أن يجيء الراوي -ليشمل المدلس وغيره- إلى حديث قد سمعه من شيخ، وسمعه ذلك الشيخ من آخر عن آخر، فيسقط الواسطة بصيغة محتملة، فيصير الإسناد عاليًا، وهو في الحقيقة نازل".

ومما يدل على أن هذا التعريف لا تقييد فيه بالضعيف أنهم ذكروا في أمثلة التدليس: ما رواه هشيم، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن الزهري، عن عبد الله بن الحنفية، عن أبيه، عن علي -رضى الله عنه- في تحريم لحوم الحمر الأهلية.


(١) "النكت على كتاب ابن الصلاح" (٢/ ١٠٢ - ١٠٨).
(٢) انظر ترجمة "مالك بن أنس" من هذا الكتاب.
(٣) هو الإمام العراقي، وقد تقدم كلامه.

<<  <   >  >>