للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما هذا. ولما سُئل ابن معين عن تفسير ورقاء أحب إليك أم تفسير شيبان، قال: تفسير ورقاء، لأنه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، ومجاهد أحب إلي من قتادة. قيل له: تفسير ورقاء أم تفسير ابن جريج؟ قال: تفسير ورقاء، لأن تفسير ابن جريج عن مجاهد مرسل، لم يسمع ابن جريج من مجاهد. وهذا النص يقتضي أن ابن معين يرى صحة تفسير ابن أبي نجيح عن مجاهد، وأن ابن أبي نجيح سمع التفسير من مجاهد.

وقد وقفت على نص يخالف ما قاله سفيان بن عيينة بأنه لم يسمع التفسير من مجاهد إلا القاسم بن أبي بزة، فقد قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا فضيل -يعني ابن عياض - عن عبيد - يعني المكتب - قال: رأيتهم يكتبون التفسير عند مجاهد. "العلل ومعرفة الرجال" (١/ ٢١٨)، و"تاريخ الدوري" (٣/ ١٤٢).

فهذا النص دليل على أن مجاهد كان يملي التفسير على تلامذته، وابن أبي نجيح من تلامذة مجاهد المعروفين، ومشهور بالرواية عن مجاهد، وقد قال أحمد: ليس أحد أروى عن مجاهد من منصور إلا ابن أبي نجيح (١)، فيغلب علي الظن أنه كان يكتب التفسير عن مجاهد معهم، ويقوي ذلك تصحيح ابن معين لسماع ابن أبي نجيح التفسير من مجاهد، وإخراج البخاري في صحيحه لابن أبي نجيح عن مجاهد في التفسير، وتصحيح الثوري والذهبي لتفسيره عن مجاهد.

وربما يكون مجاهد قد أملى عليهم بعض التفسير وكتبوه عنه، ولم يمل على أحد التفسير كاملًا إلا القاسم بن أبي بزة، فحينئذ يقال أن ابن أبي نجيح لم يسمع التفسير كاملًا من مجاهد، بل سمع بعضه من مجاهد، وأخذ الباقي عن القاسم ابن أبي بزة عن مجاهد فدلسه، ورواه عن مجاهد مباشرة.

وسواء كان ابن أبي نجيح سمع التفسير كله من مجاهد، أو سمع بعضه من


(١) "مسائل صالح بن أحمد بن حنبل الفقهية لأبيه" (٣/ ١٥٢).

<<  <   >  >>