للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعلَّاه بمجرد العنعنة من موصوف بالتدليس، فلم أجد، وإنما وجدتهما في شيء قليل يُحيلان التهمة بنكارة الحديث على عنعنة المدلس، حيث لم يبين السماع، ولا ريب أن هذا أولى من تخطئةِ الثقة أو الصدوق أو حمل النكارة في الرِّواية عليه.

وتارة لثبوت التدليس في الحديث المعين (١)، كما رأيت أبا حاتم توقف في بعض الأسانيد خشية التدليس لغلبة المظنة (٢).

وجائز حمل عبارة ابن عبد البر على هذا المذهب، حين قال بعد أن ذكر الاتفاق على قبول الإسناد المعنعن: "إلا أن يكون الرجل معروفًا بالتدليس، فلا يُقبل حديثه حتى يقول: حدثنا، أو: سمعت، فهذا مالا أعلم فيه خلافًا" (٣).

ولما ذكر ابن رجب مذهب الشافعي في رد خبر المدلس بوقوعه في التدليس مرة، قال: "واعتبر غيره من أهل الحديث أن يغلب التدليس على حديث الرجل" وذكره عن علي بن المديني (٤).

والمذهب الرابع: التفريق بين أصناف المدلسين من الثقات، بين من عُرف أنه لم يدلس إلا عن ثقة معروف عند أهل العلم بالحديث، وبين من عُرف بالتدليس عن المجروحين والضعفاء والمجهولين (٥).

وهذا المذهب يجب اعتباره على تفصيل:

فمن قالوا فيه: (لا يدلس إلا عن ثقة) فيجب أن يكون ذلك الثقة معروفًا لأهل العلم، لا بناءً على مجرد قول الناقد: (فلان لا يدلس إلا عن ثقة)، فذلك الثقة


(١) انظر إن شئت: "علل الحديث" لابن أبي حاتم (الأرقام: ٦٠، ١٠٩، ٤٧٤، ٧٢٥، ١٢٢١، ٢٠٧٨، ٢٣٠٨، ٢٥٧٩).
(٢) "علل الحديث" (رقم: ٢١١٩، ٢٤٦٣).
(٣) "التمهيد" (١/ ١٣).
(٤) "شرح علل الترمذي" (١/ ٣٥٣ - ٣٥٤).
(٥) نقل ابن رجب هذا المذهب في "شرح العلل" (١/ ٣٥٤) عن الكرابيسي وأبي الفتح الأزدي وبعض فقهاء الحنابلة، وقال: "هذا بناءٌ على قولهم في قبول المرسل".

<<  <   >  >>