للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كذلك قال أبو داود: سمعت أحمد سُئل عن الرجل يُعرف بالتدليس يُحتج فيما لم يقل (سمعت)؟ قال "لا أدري"، فقلت: الأعمش، متى تُصاد له الألفاظ؟ قال: "يضيق هذا، أي: أنك تحتج به" (١).

قلت: فهذا دل على توقف أحمد في قبول عنعنة المدلس في حال، وقبولها دون توقف في حالٍ أخرى، فحال التوقف ينبغي أن تُحمل على عنعنة من اشتهر أمره بالتدليس وكثر ذلك منه، كهشيم، أما من ذُكر به، وكان كثير الحديث الصحيح المتصل، وشق تتبع ذكره للسماع في كثرة ما روى ونَذرَةِ أثَرِ ما ذُكر به من التدليس، كالأعمش، فهذا يحتج به.

لكن يجب أن يُقيد بالقول: ما لم يثبت أنه دلس فيه.

ومن ذلك قول البخاري: "لا أعرف لسفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت، ولا عن سلمة بن كهيل، ولا عن منصور -وذكر مشايخ كثيرة- لا أعرف لسفيان عن هؤلاء تدليسًا، ما أقل تدليسه" (٢).

وقال مسلم بن الحجاج: "وإنما كان تفقد من تفقد منهم سماع رواة الحديث ممن روى عنهم، إذا كان الراوي ممن عُرف بالتدليس في الحديث وشُهر به، فحينئذٍ يبحثون عن سماعه في روايته، ويتفقدون ذلك منه حتى تنزاح عنهم علة التدليس" (٣).

وقال يعقوب بن سفيان: "حديث سفيان وأبي إسحاق والأعمش، ما لم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة" (٤).

قلت: وقد جهدت لأقف لأبي حاتم الرازي أو صاحبه أبي زرعة على حديث


(١) "سؤالات أبي داود" لأحمد بن حنبل (النص: ١٣٨).
(٢) "العلل الكبير" للترمذي (٢/ ٩٦٦).
(٣) "مقدمة صحيح مسلم" (صـ ٣٣).
(٤) "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٦٣٧).

<<  <   >  >>