قال الحاكم في معرفة "علوم الحديث"(صـ ١١١ - ١١٢): قد ذكرت في هذه الأجناس الستة أنواع التدليس ليتأمله طالب هذا العلم فيقيس بالأقل على الأكثر، ولم أستحسن ذكر أسامي من دلس من أئمة المسلمين صيانة لحديث ورواته، غير أني أدل على جملة يهتدى إليها الباحث عن الأئمة الذين دلسوا والذين تورعوا عن التدليس، وهو أن أهل الحجاز والحرمين ومصر والعوالي ليس التدليس من مذهبهم، وكذلك أهل خراسان والجبال وأصبهان وبلاد فارس وخوزستان وما وراء النهر لا يعلم أحد من أئمتهم دلس، وأكثر المحدثين تدليسًا أهل الكوفة ونفر يسير من أهل البصرة، فأما مدينة السلام ببغداد فقد خرج منها جماعة من أئمة الحديث مثل أبي النضر هاشم بن القاسم وأبي نوح عبد الرحمن ابن غزوان وأبي كامل مظفر بن مدرك وأبي محمد يونس بن محمد المؤدب وهم في الطبقة الأولى من أهل بغداد لا يذكر عنهم وعن أقرانهم من الطبقة الأولى التدليس. ثم الطبقة الثانية بعدهم: الحسن بن موسى الأشيب وسريج بن النعمان الجوهري ومعاوية بن عمرو الأزدي والمعلي بن منصور وأقرانهم من هذه الطبقة لم يذكر عنهم التدليس، ثم الطبقة الثالثة: إسحاق بن عيسى بن الطباع ومنصور ابن سلمة الخزاعي وسليمان بن داود الهاشمى وأبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز التمار لم يذكر عنهم وعن طبقتهم تدليس، ثم الطبقة الرابعة منهم مثل الهيثم بن خارجة والحكم بن موسى وخلف بن هشام وداود بن عمر الضبي لم يذكر عنهم وعن طبقتهم التدليس، ثم الطبقة الخامسة مثل إمام الحديث أحمد بن حنبل ومزكى الرواة يحيى بن معين وصاحب المسند أبي خيثمة زهير بن حرب وعمرو ابن محمد الناقد لم يذكر عن واحد منهم التدليس، ثم الطبقة السادسة والسابعة فلم يذكر عنهم ذلك إلا أبي بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي الواسطي، فحدثني أبو علي الحافظ قال: كنت يومًا عند أبي بكر الباغندي وهو يملي علي فقال لي: أبو يزيد عمرو بن يزيد الجرمي فأمسكت عن الكتابة، ثم أعاد ثانيًا قال: حديث سرار بن مجشر، فقلت: قد أغناك الله عنه يا أبا بكر، فقد