نعيم، والحافظ الصدوق إذا قال: هذا الكتاب سماعي جائز أخذه عنه بإجماعهم.
قلت: قول الخطيب: كان يتساهل .. إلى آخره، هذا شيء قل أن يفعله أبو نعيم، وكثيرًا ما يقول: كتب إلي الخلدي، ويقول: كتب إلي أبو العباس الأصم وأخبرنا أبو الميمون بن راشد في كتابه. ولكن رأيته يقول في شيخه عبد الله بن جعفر بن فارس الذى سمع منه كثيرًا وهو أكبر شيخ له: أخبرنا عبد الله بن جعفر فيما قرئ عليه، فيوهم أنه سمعه، ويكون مما هو له بالإجازة. ثم إطلاق الإخبار على ما هو بالإجازة مذهب معروف قد غلب استعماله على محدثي الأندلس، وتوسعوا فيه. وإذا أطلق ذلك أبو نعيم في مثل الأصم وأبي ميمون البجلي والشيوخ الذين قد علم أنه ما سمع منهم بل له منهم إجازة، كان له سائغًا والأحوط تجنبه.
حدثني أبو الحجاج الكلبي الحافظ أنه رأى خط الحافظ ضياء الدين قال: وجدت بخط أبي الحجاج بن خليل أنه قال: رأيت أصل سماع الحافظ أبي نعيم لجزء محمد بن عاصم.
قلت: فبطل ما تخيله الخطيب وتوهمه، وما أبو نعيم بمتهم، بل هو صدوق عالم بهذا الفن، ما أعلم له ذنبًا -والله يعفو عنه- أعظم من روايته للأحاديث الموضوعة في تواليفه، ثم يسكت عن توهيتها (١).
وقال الذهبي أيضًا: قال يحيى بن منده الحافظ: سمعت أبا الحسين القاضي يقول: سمعت عبد العزيز النخشبي يقول: لم يسمع أبو نعيم مسند الحارث بن أبي أسامة بتمامه من ابن خلاد فحدث به كله.
قال ابن النجار: وهم في هذا فأنا رأيت نسخة الكتاب عتيقة وعليها خط أبي نعيم يقول: سمع مني فلان إلى آخر سماعي من هذا من ابن خلاد، فلعله روى باقيه بالإجازة. ثم تمثل ابن النجار ببيت: