للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو عمر: فإن كان هذا تدليسًا، فما أعلم أحدًا من العُلماء سلم منه في قديم الدهر ولا في حديثه، اللهم إلا شعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان، فإن هذين ليس يوجد لهما شيء من هذا، لاسيما شعبة، فهو القائل: لأن أزني أحب إلى من أن أدلس.

وقالت طائفة من أهل الحديث: ليس ما ذكرناه يجري عليه لقب التدليس، وإنما هو إرسال، قالوا: وكما جاز أن يرسل سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعن أبي بكر وعمر، وهو لم يسمع منهما، ولم يسم أحد من أهل العلم ذلك تدليسًا، كذلك مالك عن سعيد بن المسيب (١).

وقال ابن الصلاح: تدليس الإسناد هو أن يروي عمن لقيه مالم يسمعه منه موهمًا أنه سمعه منه، أو عمن عاصره ولم يلقه، موهمًا أنه قد لقيه وسمعه منه. ثم قد يكون بينهما واحد، وقد يكون أكثر.

ومن شأنه أن لا يقول في ذلك: أخبرنا فلان، ولا حدثنا، وما أشبههما، وإنما يقول: قال فلان أو عن فلان، ونحو ذلك (٢).

وقال الذهبي: المُدلس ما رواه الرجل عن آخر ولم يسمعه منه، أو لم يدركه. فإن صرح بالاتصال وقال: حدثنا، فهو كذاب، وإن قال: عن، احتُمل ذلك ونُظر في طبقته: هل يدرك من هو فوقه؟ فإن كان لقيه فقد قررناه، وإن لم يكن لقيه فامكن أن يكون معاصرة، فهو محل تردد، وإن لم يكن فمنقطع: كقتادة عن أبي هريرة. وحكم "قال" حكم "عن".

ومن أمثلة التدليس: الحسن عن أبي هريرة. وجمهورهم على أنه منقطع لم يلقه.

وقد رُوي عن الحسن قال: حدثنا أبو هريرة، فقيل: عنى بحدثنا: أهل بلده (٣).


(١) "التمهيد" (١/ ١٨ - ١٩).
(٢) "مقدمة ابن الصلاح" (صـ ٦٦).
(٣) "الموقظة" (ص ٤٧، ٤٩).

<<  <   >  >>