للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتدبير والحياة والقدرة، دليل على أنه كائن لموجد قادر، فهذه أول صفة من صفات الخالق الموجد وعلى ذلك دلّ قوله تعالى: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١).

كما انتهج ابن العربي في الدلالة على كونه تعالى عالماً طريق المتكلمين بعامة (٢) والذي يرتكز على مبدأ الِإحكام والِإتقان بمعنى أن هذا العالم منسق ومنظم ومدبر أحسن تنسيق وتنظيم وتدبير، وكلّ شيء فيه يسير نحو غاية معينة مرسومة، يقول ابن العربي: "ويدل إتقان جبلَّته وإحكام صنعته على أنه عالم" (٣).

وإذا كان إحكام صنعته يدلّ على أنه عالم، فإن ذلك يقتضي -عند ابن العربي -أيضاً أن يكون ذلك القادر العالم حيّاً، إذ يستحيل وصف الجماد الموات بالقدرة والعلم (٤).

وتعيين أحد جائزي الوجود من صفة وهيئة يدلّ على الإرادة، وهكذا فإن ابن العربي يعتمد على فكرة الإِمكان أو الجواز بمعنى أن الصفتين اللتين يمكن أن تتعاقبا على موصوف أو محل ما فإن اتصاف المحل بإحداهما لا يكون إلا بسبب يعين أو يرجح إحدى الصفتين الممكنتين أو الجائزتين، وهذا التعيين إنما هو وظيفة الِإرادة، إذ لا يمكن لنا أن نضيف ذلك إلى القدرة أو الحياة أو العلم (٥).


(١) م، ن: ٤٥٩.
(٢) الأشعري: الإبانة: ٦٣ - ٦٤، الجويني: الإرشاد: ٦١ - ٦٢ الشهرستاني: نهاية الأقدام ٢٧٤، الإيجي: المواقف (بشرح الجرجاني): ٨/ ٦٥ - ٦٦، وانظر تعليقنا رقم: (١) على قانون التأويل: ٤٦٠.
(٣) قانون التأويل: ٤٦٠.
(٤) انظر الباقلاني: التمهيد: ٤٧ (ط: مصر)، البغدادي: أصول الدين: ١٠٥، الإيجي: المواقف (بشرح): ٨/ ٨٠ وانظر تعليقنا رقم: (٢) على قانون التأويل: ٤٦٠، وينبغي التنبيه على أن المراجع التي أذكرها هنا هي للِإشارة بعامة، أما التي ذكرتها بالقانون فهي للأشاعرة الذين يحتمل أن يكون المؤلف قد تأثر بهم خلا المراجع السلفية.
(٥) انظر استدلال الأشاعرة على صفة الإِرادة: الرازي محصل أفكار المتقدمين: ١٣١ - ١٣٣ (ط: الحسينية: ١٣٢٣)، الإيجي: المواقف (بشرح الجرجاني): ٨/ ٥٨ - ٥٩.

<<  <   >  >>