للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعنيهم من الكلام. قال: وكان أبو حنيفة يحثنا على الفقه وينهانا عن الكلام (١).

أما الِإمام الشافعي فقد عرف بإنكاره الشديد لعلم الكلام، روى ابن عساكر بسنده عن يونس بن عبد الأعلى المصري قال: سمعت الشافعي يقول: لأن يبتلى المرء بكل ما نهى الله عنه إلاَّ الشرك خير له من الكلام، ولقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت أن مسلماً يقول ذلك (٢).

كما أثر عن الإِمام الشافعي أنه كان يقول: "حكي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الِإبل ويطاف بهم في العائر والقبائل وينادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام" (٣).

كما روى البيهقي بسنده عن أبي ثور قال: سمعت الشافعي يقول: من ارتدى بالكلام لم يفلح (٤).

أما الإِمام أحمد فعداؤه للكلام والمتكلمين مشهور وأحاديثه في هذا الشأن مبثوثة في مختلف كتب أهل السنّة والجماعة، يقول الإِمام البخاري في كتابه "خلق أفعال العباد": "المعروف عن أحمد وأهل العلم أنهم كرهوا البحث والتنقيب عن الأشياء الغامضة وتجنبوا أهل الكلام والخوض والتنازع" (٥).


(١) صون المنطق والكلام للسيوطي ١/ ١٠٠ - ١٠١.
(٢) أخرج هذا القول اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة": ١/ ١٤٦ وابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه": ١٨٢، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار": ١/ ١١٢ والاعتقاد له: ١١٩ (ط: أحمد محمد موسى: ١٩٦١) والقرطبي في "الانتقاء": ٧٨.
(٣) تاريخ بغداد للخطيب ٧/ ٥٩.
(٤) مناقب الشافعي للبيهقي ١/ ٤٦١ - ٤٦٢ وانظر الانتقاء للقرطبي: ٨٠ وتلبيس إبليس لابن الجوزي: ٨٢ (ط: المنيرية)، صون المنطق للسيوطي: ١/ ١٠٦.
(٥) أورد هذا النص السيوطي في صون المنطق والكلام: ١/ ١٣١، وقد بحثت عن هذا القول في كتاب "خلق أفعال العباد" للبخاري فلم أجده فربما سقط النص المذكور من المخطوطة التي اعتمدها صاحب مطبعة النهضة الحديثة بمكة الذي نشر الكتاب سنة ١٣٩٠ هـ.

<<  <   >  >>