الذي حملها عليه الأشاعرة، وهذا الزمخشري وهو من الاعتزال بمكان ومع ذلك يقول:
وَالله يشهد أنهم لكاذبون في قولهم:"نشهد" وادعائهم فيه المواطأة (١).
الوجه الثاني: من أوجه الردّ على النظام أن تكذيبهم راجع إلى تسمية إخبارهم -بكسر الهمزة- شهادة، إذ هي ما تكون على وفق الاعتقاد.
الوجه الثالث: أنه على فرض التنزل مع النظام بأن يكون التكذيب من الله تعالى راجعاً للمشهود به -وهو إنك لرسول الله- لكن ليس على ما ذهب إليه، بل إظهار لما هو في قرارة نفوسهم من زعمهم الكاذب في عدم الِإقرار بالنبوة، فيكون المعنى أنهم يزعمون أنهم كاذبون في هذا الخبر الصادق.
المذهب الثالث: مذهب الجاحظ (ت: ٢٥٠) وينكر فيه انحصار الخبر في الصدق والكذب كما هو مذهب الأشاعرة، وكما هو مذهب سلفه النظام الذي لا مخالفة بينه وبين أهل السنة في الانحصار، وإنما مخالفته فيها هو المراد بالتطابق، وأما الجاحظ فيرى أن هناك واسطة بين الصدق والكذب، لأنه يرى أن الصدق يتوقف على مطابقة أمرين وهما: الواقع، واعتقاد المتكلم، والكذب هو عدم المطابقة فيهما، فكأنه أراد التوفيق بين سلفه النظام وما عليه غيره.
وبناء على رأي الجاحظ فإنه يلزم أن تكون هناك أخبار لا توصف بصدق ولا كذب، وهي الأخبار التي تكون مطابقة للواقع، لكن يعتقد المتكلم أنها غير مطابقة، أو يكون غير معتقد شيئاً، وكذلك في عدم المطابقة للواقع والمتكلم يعتقد المطابقة، أو ينتفي اعتقاده بأن لا يكون له اعتقاد أصلاً.
وذهب الجاحظ إلى ما ذهب إليه اعتماداً على ما استنتجه من قوله تعالى:{أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ}[سبأ: ٨] إلاَّ أن هناك تلك