للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينبغي لنا تسطير تمهيد مختصر نعرض فيه لنشأة هذه النظرية المشؤومة وتطورها على يدي الفلاسفة الإِسلاميين!!

كان المسلمون في عهد النبوة يستقون عقائدهم من منبعين أساسيين: الكتاب والسنة، فقد نزل القرآن الكريم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فبلغ الرسول الكريم لأمته ما أنزل إليه، كما كانت جميع تعاليمه وأقواله صادرة عن الوحي: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥)} [النجم: ٣ - ٥] وبعد الفتوحات الإِسلامية دخل الناس في دين الله أفواجاً، وغاظ هذا الفتح المبين بعض الطوائف والجماعات، فأخذوا يكيدون للِإسلام، ويوجهون له الطعنات وصوبوا سهامهم نحو النبوة، فطعنوا فيها وأنكروها، واستمدوا أسلحتهم من مصادر شتى، فكان أحمد بن إسحاق الراوندي (ت: ٢٩٨) من الأوائل الذين كتبوا عدة كتب في إبطال النبوة وإنكار الرسل، ثم جاء بعده محمد بن هارون الورّاق (عاش في القرن الثالث) إذ يذكر ابن الجوزي أن كلا من الوراق هذا وابن الراوندي يدعي أنه صنف "كتاب الزمرد" وهو كتاب في الطعن علي رسول الله وشتمه والطعن في القرآن (١).

ومن الشخصيات التي أثارت مشكلة النبوة بغرض التشكيك فيها أبو بكر محمد بن زكريا الرازي في كتابيه "مخاريق الأنبياء أو حيل المتنبئين "و"نقض الأديان" (٢).

ويحدثنا أبو حيان التوحيدي (ت: ٤٠٠) عن رجل معاصر له يدعى أبا إسحاق النصيبي كان يشك في النبوات كلها، ويذكر التوحيدي بعض الشخصيات البارزة في عصره التي أضلها أبو إسحاق (٣).


(١) المنتظم: ٦/ ٩٩ - ١٠٠.
(٢) هذان الكتابان مفقودان، وقد بقي لنا من الكتاب الثاني بعض فقرات أوردها أبو حاتم الرازي (ت: ٣٢٢) في كتاب "أعلام النبوة" الذي توجد منه بعض النسخ المخطوطة في مكتبات الهند.
(٣) الإمتاع والمؤانسة: ١/ ١٤١.

<<  <   >  >>