للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنهم ما رواه الِإمام مسلم عن حنظلة الأُسَيدِيَ قَالَ: لَقِيَنِي أبُو بَكْر فَقَالَ: كَيْفَ أنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ قَلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ. قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! ما تَقُولُ: قال: قلتِ نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ الله صَلى الله عَلَيْهِ وَسَلمَ يُذَكَرُنَا بالنارِ وَالجَنَةِ حَتَّى كَأنا رَأْيَ عَيْن (١)، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ الله صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسلمَ عَافَسْنَا الأزْوَاجَ وَالأوْلَادَ والضَيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيراً. قَالَ أبُو بَكْر: فَوَاللهِ إِنا لَنَلْقَى مِثْلِ هَذَا. فَانْطَلَقْتُ أنَا وَأبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيْهِ وَسَلَمَ قلت: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيْهِ وَسَلمَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكرُنَا بالنارِ وَالجَنةِ حَتى كَأنَا رَأْيُ عَيْن (٢)، فَإذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدكَ عَافَسْنَا الأزْوَاجَ وَالأوْلَادَ وَالضيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيراً فَقَالَ رَسُولُ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسلمَ: "وَالذي نَفْسِي بيَدِهِ إنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِيٍ الذكْر لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعة". ثَلَاثَ مَراتٍ (٣).

قال أبو بكر بن العربي: فتفطن الصحابة لتغير القلب عند مفارقة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحالة التي يكون معه عليها، وسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فأخبرهم أن تلك الحالة لو دامت لصافحتم الملائكة معاينة، وذلك ممنوع من الله للخلق، فما يفضي إليه ممنوع، وإلا فلم لم يحضهم عليه، وهل كان فوق منزلة الخلفاء منزلة يرتقي إليها وما كلمهم ملك ولا صافحهم (٤).

أما استدلالهم بالمرآة (٥) فيرى ابن العربي أنه لا يصح التمثيل بها في هذا المجال لأنهم بنوا رأيهم على أن الإدراك في المرآة إنما يكون بانعكاس الأشعة على زوايا في مرايا، في حين أن الماء الصقيل إذا نظرت إليه رأيت نفسك معكوساً فيه وأنت مستقيم عليه، فإذا كان الِإدراك في الصقيل لا يكون


(١) أي كأنا نراها رأي عين.
(٢) أي كأنا بحال من يراها بعينه.
(٣) صحيح مسلم كتاب التوبة رقم ٢٧٥٠.
(٤) العواصم من القواصم: ٤٠.
(٥) انظر قانون التأويل: ٤

<<  <   >  >>