للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منه في الدنيا والآخرة كما أخبر به. فلا ترجعوا عن الظاهر إلى الباطن، ولا تحترسوا في أمر لا بدّ لكم منه في كيفية أحوال الأعمال في الآخرة فإنه قد ثبت من تصورها صوراً وتشكلها أشكالًا ما لا مدفع فيه لأحد.

وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إن البقرة وآل عمران معاً يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما حزقان من طير صواف (١) ..

قال أبو بكر بن العربي: والسورة لا تأتي والحروف والأصوات لا تتشكل والخبر قد صح، وتأويل من قال يأتي ثوابهما كلام متسور لا علم عنده، فيرسل عذبة لسانه في الذي ليس من شأنه بما لا تتحصل حدوده، ولا يثبت وجوده وإنما يحمل على معان: منها أن الصحيفة التي قرأ فيها أو كتب الملك فيها قراءته تظله، أو ينشىء الله له غمامة يقال: هذه سورتك التي كنت تقرأ.

فإن قيل: فهذا هو الثواب.

قلنا: نعم، ولكن ليست الغمامة السورة، ولم يرد تسميتها ثواباً، فكيف يخبر عما يشكل بما يشكل، وإنما كان يقول يأتي ثوابهما لو قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيفسر به، وأما تفسير المشكل والمحتمل بمشكل محتمل فمما لا يجوز شريعة ولا يصح عربية" (٢).

قلت: نعود إلى تتبع أهم القضايا العقدية الواردة بقانون التأويل لنقف مع ابن العربي في خاتمة الكتاب (٣) حيث خصص بعض الصفحات للكلام على المحكم والمتشابه (٤)، فما هو موقف السلف من هذه القضية؟ ..


(١) هذا بعض حديث أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة رقم ٨٠٤ وقد تحرف هذا الحديث في النص المحقق من كتاب العواصم من القواصم. ومعنى حزقان: قطيعان أو جماعتان. ومعنى طير صواف: جمع صافة وهي من الطيور التي تبسط أجنحتها في الهواء.
(٢) العواصم من القواصم ٣٣١ - ٣٣٣.
(٣) قانون التأويل: ٦٦١.
(٤) م، ن: ٦٦٣.

<<  <   >  >>