للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمير أعلم من صاحبه، فلمحوني شزراً، وَعَظُمْتُ في عيونهم بعد أن كنت نزراً، وتقدم إلى الأمير من نقل إليه الكلام، فاستدناني، فدنوت منه، فسألني: هل لي بما هم فيه بصر؟.

فقلت: لي فيه بعض نظر سيبدو لك ويظهر: حرك تيك القطعة، ففعل، وعارضه صاحبه، فأمرته أن يحرك أخرى، وما زالت الحركات بينهم كذلك تترى حتى هزمه الأمير، وانقطع التدبير، فقالوا: ما أنت بصغير، وكان في أثناء تلك الحركات قد تَرَنَّمَ ابن عم الأمير منشداً:

وَأحْلَى الهَوَى مَا شَكَّ في الوَصْلِ رَبُّهُ ... وَفِي الهَجْرِ فَهْوَ الدهْرُ يَرْجُو وَيَتقِي (١)

فقال: لعن الله أبا الطيب، أو يشك الرب؟.

فقلت له في الحال: ليس كما ظن صاحبك أيها الأمير، إنما أرَادَ بالرب ها هنا الصاحب، تقول: ألذُّ الهوى ما كان العاشق فيه من الوصال وبلوغ الآمال على رَيْب، فهو في وقته كله، بين رجاء لما يؤَمِّلُه، وتقاة لما يقطع به، كما قال:


(١) هذا البيتْ للمُتَنبي من قصيدة قالها في مدح سيف الدولة الحمداني. ديوان المتنبي: ٣/ ٤٩ (ط: بشرح عبد الرحمن البرقوتي) وانظر شرح هذا البيت في شرح الواحدي: ٤٩٨ (ط: برلين ١٨٦١).

<<  <   >  >>