قلت: فكيف يعقل أن يقصد النصارى قبر هذا المسلم الذي أوقف حياته على محاربة النصارى؟! الحقيقة أن هؤلاء الكفرة أرادوا أن يفسدوا على المسلمين دينهم، فبذروا فيهم بذرة السوء، وهي التبرك بقبور الأموات والاستغاثة بهم، وإنني أشك في صدق النصارى في الإيمان ببركة صاحب القبر على فرض أن له بركة، وإنما هو كيد أو مصيدة تَمَّ تدبيرها من طرف القساوسة ورهبان المسيحية، فلا حول ولا قوة إلا بالله. (٢) أول من يمثل لنا هذا الاصطدام بين الفقهاء والصوفية هو أبو بكر يمن بن رزق الزاهد الذي ألف كتاباً سماه "الزهد" فقد أشار هذا الكتاب حفيظة الفقهاء الملتزمين بالكتاب والسنة فمنعوا المسلمين من النظر فيه لأن مؤلفه صاحب وساوس (انظر ابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس: ٢/ ٢٠٠، رقم الترجمة: ١٦١٣)، وكذلك عطية بن سعيد الأندلسي العالم الزاهد الذي له كتاب في تجويز السماع فكان كثير من المغاربة يتحامونه من أجل ذلك (انظر: الحميدي: جذوة المقتبس: ٣١٩، الترجمة رقم: ٧٤١، ابن بشكوال: الصلة: ٢/ ٤٤٧، الترجمة رقم: ٤٤٨. (٣) انظر ترجمته: الحميدي: الجذوة: ٥٨، ابن خاقان: مطمح الأنفس: ٢٨٦ (ط: الرسالة)، الضبي: بغية الملتمس: ٨٨، النُّبَاهي: تاريخ قضاة الأندلس: ٧٨.