ويرى تَفْسِيرَهَا يَقَظَة، وهذا مما يدركه المتقي، وَيتَأتَّى مِنَ الكَافِرِ كما يَتَأتَّى من المؤمن.
ومن الغريب أنا كنا نحاصر بلداً من بلاد الروم، وكان معنا ذمي معاهدٌ حضر في غُمَارِ العسكرية بذمة سبقت له، فقاتلنا ذلك اليوم حتى كدنا نيأس منه، فلما كان صبيحة يوم جاءنا فتكلمنا في هذا الغرض، فقال لي: أظن البلد مأخوذاً، فإني كنت أرى البارحة حيةً تلسع الناس فكنت آخذها وأفتح بطنها ويخرج أولاد صغار فأرمي بهم في كِظَامَةٍ؟.
فقلت لترجمان بيني وبينه: رؤيا صحيحة، وسأنظر.
فقال الكافر: قد فَسَّرْتُهَا: الحية التي تلسع الناس هذه البلدة، وهي مأخوذة، وسيرمى بأهلها فيخرجون إلى بلادهم، فإنها مزابل عندكم، والرؤيا لكم ليس لنا فيها حظ.
فعجبت من صدق رؤياه، وتفسيره لما رآه، وكذلك كان، فتحناها بعد يومين وَمَنَّ الأمير على مَنْ كان بها فخرجوا إلى بلادهم.
= العلم والتحقيق، انتقل إلى مثل ذلك في المنام ولففه (كذا) ملك الرؤيا إلى نفسه وألقى إليه مثل ما كان فيه من التحقيق، لكن الرؤيا أقرب حقاً؛ لأنها أقرب إلى الله تعالى ولأنها تأتي بواسطة الملك، وليس عنده إلاّ الحق، فلذلك كانت جزءاً من النبوة؛ لأن الملك يلقيها إلى العبد، ولأجل ذلك كانت بشرى لأنها خبر من الملك عن الله تعالى ... " القبس شرح موطأ مالك بن أنس: ٨ (مخطوط الرباط: ٢٥ ج).