وبحصرها من وجه آخر أن تجتنب ما بينك وبين العباد، فإنه عظيم لا جبر له، وأما الذي بينك وبين الله فإنه أخف. وأكْثِرْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ تلاوة القرآن بتدبُّر، وإن لم يكن فتلاوة مجردة، فإن مثل الذي يقرأ القرآن ولا يعمل به كالذي جاء على ألسنة الحكماء، وهو بديع في الأمثال.
قالوا: لو أن ملكاً أرسل إلى عُمَّالِهِ كتاباً يأمرهم فيه بتحصين البيضة وسد الثغور، والعدل في الرعية، والإِنصاف بين الناس، وإيصال الحقوق إلى أربابها، وسائر ذلك من وظائف الإِمارة، فلما وصل كتابه إلى عماله، كان منهم من تلقاه بالمبرة والتعظيم، وقرأه على غاية التفهيم، وجعل يمتثل ما أمره به، ويقيم حدود ما وظف عليه، وكان من العمال من تلقاه بالبر والتعظيم، وجعله نصب عينيه في مطالعته، والوقوف عليه، وأعرض عن امتثال ما فيه،