للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم اجتمعوا مع الملك فتخيل حال الرجلين، وتحقق الفرق بين المنزلتين.

والزم بعد ذلك بالألفاظ الصحيحة ذكر الله والدعاء إليه بالأدعية الصحيحة، ولا تلتفت إلى ذكر الله بما لم يصح، ولا التضرع إليه بما لم يثبت، فإن الشيطان إذا لم يقدر عن صرف العبد عن ذكر الله، أقبل عليه، فجعل يشغله بالأذكار والأدعية التي لم تصح، فيربح معه العدول عن صحيح الحديث إلى سقيمه، فربما اعتقد في حديث أنه صحيح، وفي ذكر ودعاء أنه حق، وهو باطل (١)، فيدخل تحت وعيد النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ حَدّثَ عَني حَدِيثاً يَرَى أنهُ كَذِب فَهُوَ أحَدُ الكَاذِبِينَ" (٢).

فإذا التزمت هذا كله -وهو يسير بتوفيق الله وتيسيره- فتح الله لك أبواب الرحمة، وجرت على لسانك ينابيع الحكمة، وقرب لك امتثال ما بقي عليك من المأمورات، ويسر عليك اجتناب سائر المنهيات، ودعيت عظيماً في ملكوت الأرض والسموات، والله سبحانه يجعلنا ممن طلب العلم والحكمة، ودأب على كتاب الله واحترمه، وألقاه إلى سواه، وأفهمه، فـ "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلمَهُ" (٣).

ويقربنا بعد ذلك من رضوانه ويبؤِّئنا الفردوس الأعلى من جنانه،


(١) يكرر المؤلف هذه الوصية النفيسة في كتابه السراج فيقول: "فالزموا ألزمكم الله تحقيقه، ويسر لكم توفيقه، ما ألزمكم الشرع، وانهجوا السبيل التي شرع لكم، وخذوا من الذكر والدعاء الصحيح، وأعرضوا عما سواه، فالعمر أنفس من أن تنفقوه سدى في غير ما صح من وحي وقرآن" ٩٠/ ب، وانظر باب الذكر في "القبس شرح موطأ مالك بن أنس": ٩٥، وباب الدعاء: ٩٦ (مخطوط الخزانة العامة ٢٥ جـ).
(٢) أخرجه مسلم في المقدمة: ١/ ٩ باب وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذابين.
(٣) أخرجه بهذا اللفظ البخاري في فضائل القرآن: ٦/ ١٠٨ عن عثمان بن عفان.

<<  <   >  >>