بإسهاب لا يمل ولم يترك مسألة من المسائل التي ناقشها إلا أوفاها حقّها من الشرح والتفصيل. ولعل أبرز سمات هذا الشرح التي تميزه عن غيره من الشروح أسلوبه الأدبي الرفيع الذي ناقش فيه هذه المسائل مما جعل القارئ لا يحس بالملل والسأم عند الرجوع إليه ومطالعته وقليل من الشراح -خاصة في علم النحو- من يوفق إلى مثل الأسلوب الذي سلكه ابن يعيش صياغة وكتابة. وهذه الميزة وحدها تكفي لرفع هذا الشرح فوق غيره من الشروح ومن بينها شرح صاحبنا الخوارزمي.
وقد قدمت عن ابن يعيش كثير من الدراسات الحديثة بصفته من أعلام النحاة والأدباء في القرن السابع الهجري كما نوقشت رسائل عنه ولا يزال يكتب عنه بعض الأخوة الدارسين منهم الأخ عبد الإله نبهان … وغيره.
كما تناولت بعض الدراسات جوانب متعددة من شرحه للمفصل خاصة. على أنه مما يؤخذ على ابن يعيش إخفاؤه أسماء المصادر التي يستمد منها فهو يسوق عباراتها بأسلوبه وكأن الكلام له هو. ومن المصادر التي اعتمد عليها اعتمادًا كبيرًا شرح السِّيرافي للكتاب فقد نقل عنه أكثر ما فيه وأودعه في مختلف أبواب كتابه. وكذلك كتاب الإنصاف لابن الأنباري … وغيرهما.
أما علاقته بشرح الخوارزمي، وأنا لا أشكُّ في أن ابن يعيش اطلع عليه ونقل منه، ولم يكن الخوارزمي أسعد حظًا من غيره فمم يذكره في شرحه أبدًا بينما النصوص ناطقة بهذه الحقيقة وأريد أن أثبت هنا نصًا واحدًا فقط كدليل لنقل ابن يعيش عن الخوارزمي والنصوص التي نقلها عنه كثيرة ولا يستطيع الباحث أن يميّزها إلَّا إذا قابل الكتابين معًا لأن ابن يعيش قد يحذف من النص ما فيه من فضلات قد يستغني عنها وقد يورد النص بأسلوبه هو ويدمِجُهُ بكلامه فيحتاج تمييزها إلى جَهد ووقت.
قال الخوارزمي: في التخمير: ١/ ١٧٥، ١٧٦ في باب (المبتدأ والخبر): ونظيرُهما الفاعِلُ والمفعولُ إذا كانا مما لا يَظهَرُ فيه الإعرابُ فإنه لا يَجوزُ تقديمُ المَفعولِ على الفاعِلِ وذلِكَ نَحو ضَربَ عِيسى مُوسى -اللَّهم-