للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابْ التّحذيْر]

قالَ جارُ اللهِ: "فصلٌ، ومن المنصوبِ باللّازِم إضمارُه، قولك في التّحذيرِ: إيَّاك والأسدَ، أي: اتقِ نفسَكَ أن تَتَعَرَّضَ للأسدِ، والأسدَ أن يهلِكَكَ، ونحوه: رأسَكَ والحائِطَ، ومازِ رأسَك والسّيفَ، ويقال: إيّايَ والشّرُّ، و"إياي أن يحذِفَ أحدَكُم الأرنَبَ" أي: نَحِّني عن الشَرِّ، ونحِّ الشرَّ عَنِيّ، ونحِّني عن مشاهدةِ حذفِ الأرنبِ، ونحِّ حذفِها عن حضرَتِي ومشاهَدَتِي، والمعنى: النَهيُ عن حذفِ الأرنبِ.

قالَ المشرّحُ: هذا الفصل (١) يذكرُ فيه ما إذا كانَ المنصوبُ متعددًا، والعاملُ أيضًا متعدّدًا، وهو من جنسٍ واحدٍ، فإن سألتَ: لم لا يجوزُ إظهارُ العاملِ فيه؟ أجبتُ: لأنَّ ذلِكَ لا يقالُ إلّا إذا كانت البَلِيَّةُ مشرفةً والوقتُ ضَيقًا فكأنَّ القائِلَ يَرى أنَّ (٢) الوقتَ أضيقُ من أن يُتَكَلَّمَ فيه إلَّا بمثلِ ذلك، ومما هو أبلغُ منه قولهم: الأسدَ، الأسدَ، والجدارَ الجدارَ. مازِ تَرخيمٌ ومعناه: يا مازِنُ، فإن سألتَ: المنادى لم يَكن مازنًا، وإنما هو كَرَّامٌ المازِنيُّ شدَّ على بُجَيرٍ فعانقَه، ولم يكن لقعنبِ بن عتَّابٍ الرّياحي إلا بُجَيرًا هِمَّةً، فلما رأى ذلك أقبلَ نحوهما فقال كَرّامٌ: يا قَعنب أَسيري أَسيري فقال قَعْنَب ذلك، والسَّيفُ


(١) نقل الأندلسي في المحصّل: ١/ ورقة ٢١٦ شرح هذا الفصل مع تصرف في النص.
(٢) في (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>