للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويفوتني، قلت: في أي كتاب أورده؟ فقال: ليس في ذكري السّاعة مكانه، قلت: هل أضرب عليه بالقلم؟ فقال: نَعم، قلت: أَيّ شيء أكتب مكانه؟ فقال: الأمر بيدك: أكتب مكانه شيئًا يوافقه نحو تبوأت الدَّار اتخذتها مباءة … "

وقال (١): "قال جار الله: "وعاب ألفه منقلبة عن الباء". قال المشرح: لم يكن في سماع العُمراني هذه الكلمة وهو الصَّواب".

[٨ - آراؤه الخاصة ورده على النحويين]

لعل من أبرز سمات شرح الخوارزمي آراؤه التي خالف فيها جمهور النحاة واستقل برأيه الخاص فيها وذلك في أكثر من خمسين موضعًا. ولعل ميوله الأدبية والنقدية وسعة خياله كونت عنده حرية الفكر وترك التقليد وولدت في نفسه محبة التجديد والمخالفة لما هو مألوف في النحو، فاندفع إلى ذلك بحماس شديد، وهذا ما جعله يتورط في مسائل أجمع على صحتها النُّحاة، وكانت آراؤه فيها شاذة لا تخدم المسائل النحوية بل لا تعدو أن تكون مجرد مخالفة شكلية، هي أكثر تعقيدًا مما كانت عليه من قبل، ولا أستطيع أن أستعرض في هذا المبحث كل آرائه الجديدة وابتكاراته التي دعا إليها، وموقف العلماء منها فهذا شيء يطول ذكره ويكفي هنا أن أشير إشارات عابرة إلى بعض هذه الآراء وأحيل القارئ الكريم إلى أماكن وجود هذه المخالفات.

وتميزت ردود الخوارزمي بالحماس والاندفاع كما قلنا فهو ثائر على المألوف مغرم بكل جديد. قال الإِمام يحيى بن حمزة العلوي (٢): " … وعول على أمور سمح بها خاطره واقترحها من تلقاء نفسه فبعدت عن الأفهام لغرابتها ونفرت منها النفوس لدقتها، والنفوس تولع بالغرائب، لكن لا بكل غريب".

وأحيانًا يثور الخوارزمي على القاعدة النحوية أو التعليل النحوي ويبين


(١) التخمير: القسم الثاني؛ ورقة: ١٩٠.
(٢) المحصل لكشف أسرار المفصل: ١/ ورقة: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>