للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أربعين بيتًا. فهل يرى أنّها حُجَّة؟.

قال في التَّخمير: ١/ ٢٩٧؛ فإن سألت؛ لم احتججت لتصحيح كلامك ببيت رجل لا يحتج بشعره؟! أجبت: لوجهين، أحدهما؛ أن الرَّجل كما هو من الشعراء فهو أيضًا من الأدباء، ولو نقلت عنه كلامًا منثورًا للزمك قبوله، فكيف إذا كان منظومًا؟!.

الثاني: إن هذا نقل في المعنى لا في اللفظ فيجوز الاحتجاج بقوله.

قال ابن جني: المُحَدثُون يحتجُّ بهم في المعاني كما يحتج بالقدماء في الألفاظ.

ولستُ مع هذا أعتقد أنَّ الخُوارزمي يُجِيزُ الاحتجاجَ بشعرِ المحدثين فأغلب الشعر الذي أورده لهم يسبقه بمثل قوله؛ وممَّا يؤنسك في هذا الباب، وفي شعر فلان … وما أشبه ذلك من العبارات التي تَدُلُّ على أنَّه يوردها للتَّنظير بها والتَّمثيل أحيانًا ولا يعتبرها شواهد تبنى عليها القاعدة النحوية.

[٦ - أثره فيمن بعده]

ما إن فرغ الخوارزمي من كتابه حتى تناقلته الأيدي، وطار صيته في الآفاق واشتهر -في حياة مؤلفه- في الشام والعراق، نقل عنه الأندلسي الذي أتم شرحه سنة تسع عشرة وستمائة، واعتمد عليه اعتمادًا كاملًا حتى إن الإِنسان ليستطيع أن يستخرج من شرح الأندلسي نسخة لا تنقص إلَّا يسيرًا. وقد بلغت النصوص التي نقلها وصرح بذكر الخوارزمي فيها في الجزء الأول فقط أكثر من أربعين ومائة نص. ولا بدَّ أن الأندلس اطلع على شرح الخوارزمي قبل أن يشرع في شرحه بزمن وأنه قرأه قراءة كاملة بفهم وتدبر ودراية، وهذا يظهر جليًا في تتبعه سقطاته والردّ عليه.

وقد عرفنا فيما سبق أن ياقوت الحموي اجتمع بصدر الأفاضل في داره بخوارزم سنة ٦١٦ هـ وأثنى عليه فلا يبعد أنه أحضر معه نسخة من الكتاب لا سيما أنه كتبي، عالم، تاجر، ويهوى هذا اللون من التأليف، وأعتقد بأن الأندلسي كان يمتلك نسخة قبل هذا التاريخ فلعل أحد

<<  <  ج: ص:  >  >>