للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب التَّعَجُّب]

قالَ جارُ اللهِ: "ومن أصناف الفعل فعلا التَّعجَبُّ نحو قولك: ما أكرم زيدًا وأكرم بزيد، ولا يُبنيان إلا مما بني منه أفعل التَّفضيل".

قالَ المُشَرِّحُ: التعجب له صيغتان: إحداهما: ما أفعله والثانية: أفعل به، والصّيغتان عند البصريين فعلٌ، ويشهد لكونه فعلًا شيئان:

أحدهما: اتصال نونُ العمادِ بالضمير في قولك متعجبًا: ما أكرمني وما أكرمنا.

والثاني: أنَّك تقولُ: ما أحسنَ وما أجملَ زيدًا إن نصبت زيدًا بـ "أجمل" وإن نصبته بـ "أحسن" قلت: ما أحسن وأجمله زيدًا تريد: ما أحسنَ زيدًا أن "أحسن" و"أجمل" وما أشبه ذلك أفعال.

وعندي أن "ما أَفعله" جملةٌ اسميَّةٌ لا فعلية، أصلُها: زيدٌ أَفعل فقدم على المبتدأ الخبرُ، و"ما" هي الإِبهامية، و"أفعل" -في الأصل- أفعل تفضيل، بدليل أنَّ كلَّ ما يبنى منه أفعل التفضيل يبنى منه التَّعجب. ألا تَرى إلى ما ذكره ابن الأنباري أن العرب تقول: هو خيرٌ من ذلك وشرٌّ منه. فلا يُبنى منه أفعل التَّعجب كما لا يُبنى أفعل التَّفضيل، ومن قالَ: هو أخيَرُ منه وأشرُّ [بني] وكذلك (١) ورد على خلافِ القِيَاسِ، هو أَعطاهم للدِّرهم (٢)


(١) في (ب): "ولذلك".
(٢) في (أ): "للدينار والدرهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>