للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدِّينار وأولاهم للمعروف فقيل -أيضًا-: ما أعطاه للدِّينار وأولاه للمعروف فكما أن أفعل التفضيل لا يُبنى من الأَلوان والعُيُوب فكذلك التَّعجب ويَشهد لكونه اسمًا وردد التَّصغير عليه في (١): "ما أحيسنها مقلة" وقال (٢):

* يامَا أُمَيْلِحَ عِزْلَانًا شَدَنَّ لَنَا *

ولو كانَ فعلًا لما صُغِّر؛ لأن تَصغير الفعل غيرُ متصوَّرٍ، ومن ثَمّ لم يَجُز هو ضُويرب زيدٍ، لأن فيه رائحةً من الفعلِ، بدليل أنه أُعمل عمل الفعل، فإذَا لم يَجز تصغير الاسم لأنَّ فيه رائحة [من] الفِعل فلأن لا يجوز تصغير نَفْسِ الفِعْلِ أَولى، والذي يقتلع الشغب من أصله أنَّك تقول: ما أَقْدَرَ الله وما أَعْلَمَهُ، ولو قلت في تفسيره شيءٌ جَعَلَ الله قادِرًا وشيءٌ جعله عالمًا خرجت إلى أَشنَعِ ما يكون من الكُفر.

فإن سألتَ: فلمَ انتصب الاسم بعد هذه الصيغة؟

أجبتُ: نظرًا إلى نون العمادِ في الحِكَاية، وبهذه العلة انتصب اسم "إن".

وأمَّا الصيغةُ الثانيةُ فهي (فعلٌ) وأصله من قولهم: كرم الرّجُلُ رجلًا زيدٌ، ولَؤُمَ الرَّجُلُ رجلًا زيدٌ، فيُجرى مُجرى "نعم" و"بئس" في الإِضمار على شريطةِ التَّفسير (٣) إذا أردت المدح أو الذم وفيه (٤) معنى التَّعجب من عِظَم كَرمه وعِظَم لُؤمه، وكذلك أن (فعل) بانفراده يأتي للمُبالغة نحو قَضُو


(١) في (ب): "قال … ".
(٢) ينسب هذا البيت إلى العرجي في ديوانه: ١٨٢، وإلى المجنون في ديوانه: ١٦٨، كما ينسب إلى غيرهما. وعجزه: * من هؤليائكن الضال والسّمر *.
ينظر: أمالي ابن الشجري: ٢/ ١٣٠، ١٣٣، والإِنصاف: ١٢٧، والتبيين: ٢٨٩، وشرح المفصل لابن يعيش: ١/ ٦١، ٦٧، وشرح شواهد الشافية: ٨٣، وخزانة الأدب: ١/ ٤٥.
(٣) شرح المفصل للأندلسي: ٤/ ١٢٧.
(٤) في (أ): "ومنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>