للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن المعنى: إنَّ أمَّ الحُلَيْسِ، فلذلك حصل في خبر المبتدأ اللَّام، وعكسها قوله تَعالى (١): {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} لأن المعنى الذين قالوا ولذلك دخل في خبر المبتدأ الفاء.

قالَ جارُ اللَّهِ: " (فصل): وتقول والله إن أتيتني لأفعلُ بالرفع، وأنا والله إن تأتيني لا آتك بالجزم، لأن الأول لليمين والثاني للشرط".

قالَ المُشَرِّحُ: قبل (٢) الخوض في هذه المسألة ألقي عليك مسألتين:

إحداهما: من القبيح أن تقول: إن تزرني لأزورنك لأن "إن" إذا جزمت اقتضت بعدها مجزومًا، حتى يظهر أنها جزمته.

فإن سألت: فكيف قبُح قولك: إن زرتني أزرك؟

أجبتُ: لأن القسم أوقع للمجازاة في الطَيِّ، أما إذا لم تجزم "إن" وأضمرت فيه القسم فإنه يحسن نحو قولك: إن أتيتني لا أكرمك.

وثانيهما: قوله تعالى (٣): {إِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} وقوله (٤): {إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} الأَول للشَّرْطِ بدليل أنَّ الشَّرْطَ قَدْ عَمِلَ في الأول. والثاني: للقسم.

وأمَّا الجزمُ في {تَغْفِرْ} فهو بـ "لم" لأ بـ "أن" فيكون لليمين. لذلك حَسُنَ قولك إن أتيتني لأُكرمنَّك لأن "إن" لم تعمل في الشرط.

وإذا ثبت هذا رقيتك إلى الطلب فقلت: إنما كان الأول لليمين، لأن


(١) سورة الأحقاف: آية: ١٣.
(٢) شرح المفصل للأندلسي: ٣/ ٣٣١.
(٣) سورة هود: آية: ٤٧.
(٤) سورة الأعراف: آية: ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>