للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهما مجذوب فيهما فهذا هو المفعول غير الصحيح ونوعي المفعول فيه. وأما المفعول المطلق فلا دلالة للفعل عليه، كما له على المفعول به دلالة، وهذا لأن معنى المفعول المطلق يرجع إلى معنى التأكيد. ألا تَرى أنَّك إذا قلت: جذبت زيدًا جذبًا (١) فمعناه أوجدت فيه جذبًا جذبًا بليغًا بحيث قد استوجب أن يذكر مرتين ونفس الجذب لا يدل على الجذب البليغ بخلاف المفعول به فإن الجذب يدل ضرورة أن الفعل لا يكون بدون المفعول فكان المفعول به عند طرح الفاعل خاطرًا بالبالِ، ولم يكن المفعول المطلق عند ذلك خاطرًا. أما أنه إذا كان أسبق خطورًا بالبال فإقامته مقام الفاعل أولى فظاهر؛ لأنه أمكن إقامته مقام الفاعل، وفي وقت لم يمكن فيه إقامة غيره مقامه فيقام.

تخمير: الفعل (٢) إذا تعدى إلى المفعول بواسطة حرف الجر فالمفعول ما هو؟ أهو المجرور بدون الجار أم هو به، فعند النحويين المفعول هو المجرور مع الجار وهذا سهو، ألا ترى أن الباء في قوله: خرجت بزيدٍ بمنزلة الهمزة وتثقيل الحشو في أخرجتُ وخرَّجتُ فكما أن الهمزة وتثقيل الحشو في أخرجت وخرجت ليسا جزءًا من المفعول إنما هما جزءٌ من الفعل كذلك ها هنا؛ لأن هذا الفعل المتعدي بحرف الجر يُجعل مبنيًا للمفعول ولو لم يكن الجار جزءًا من الفعل لما جاز بناؤه من المفعول؛ لأن الفعل اللازم لا يجعل مبنيًا للمفعول، ولأن الجار ها هنا قد تعدى به الفعل وصار معه بمنزلة الفعل المتعدي، وشيءٌ من الفعل المتعدي لا يكون جزءًا من المفعول.

فإِن سألتَ: ما ذكرت من الدليل إن دل على أنه جزءٌ من الفعل فها هنا


(١) بعدها في (ب): "عجبًا" وهي أيضًا ساقطة من شرح الأندلسي.
(٢) النص في شرح المفصل للأندلسي: ٤/ ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>