للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الرَّفعُ فمُحتمل، أَلا ترى كيف انتهى "المَطو" في بيتِ امرئ القَيس عندما بعد "حتَّى". وفي قولهم: أكلتُ السمكةَ حتى رأسها انتهى الأَكلُ بما بعدَ "حتى".

قالَ جارُ اللَّهِ: " (فصلٌ) و"في" معناها الظَّرفية، كقولك: زيد في أرضه، والرَّكضُ في المَيدان ومنه نظرت في الكتاب، وسعي في الحاجة".

قال المُشَرِّحُ: الكتابُ (١) كأنه احتوى وأحاط به. وأمَّا سعي في حاجته فمعناه: استولى عليه الحِرْص على تخليصها والسّعي (٢) لكفايتها حتى منعه التّقديم والتَّأخير للقيام بسائرِ أشغاله ومهماته، فكانه منها في ظرفٍ.

قالَ جارُ اللَّهِ: "وقولهم: في قولِه عزَّ وجلَّ (٣): {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} إنّها بمعنى "على" عمل على (٤) الظاهر. والحقيقةُ أنها على أصلها لتمكن المصلوب في الجذع تمكن الكائن في الظَّرف فيه".

قال المُشَرِّحُ: لم (٥) يَزَلِ النَّاسُ يقولون بأن "في" في الآية بمعنى "على"، وليس كذلك، وهذا لأنَّ "في" تفيد من التَّمكن ما لا تفيده "على" بدليل أن الكائن في الظَّرف وإن تحرك لا يكادُ يخرج عن الظَّرف بخلاف المستعلي.

قال جارُ اللَّهِ: " (فصلٌ) والباء معناها الإِلصاق كقوله: به داءٌ، أي: التَصَقَ به وخامره".


(١) نقل الأندلسي في شرحه (٣/ ١٦٥) شرح هذه الفقرة.
(٢) في (أ): "السعة" وهذه الجملة أسقطها الخوارزمي من نصه المنقول من هذا الموضع.
(٣) سورة طه: آية ٧١.
(٤) في (ب): "عمل بمعنى الظاهر".
(٥) نقل الأندلسي في شرحه (٣/ ١٦٥) شرح هذه الفقرة ثم عقب عليه بقوله: "أقول: الصحيح أن هذا الموضع صالح لهما على حسب ما يقصده المتكلم من معنى الظرفية أو الاستعلاء غير أن الظرفية تترجح وفاقا للظاهر اللفظي … " ونصه طويلٌ مفيدٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>