للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المُشَرِّحُ: يقول جَرَى على لسانِه فتحة "إن" فأسقط اللَّام من {لَخَبِيرٌ} (١).

قال جارُ الله: " (فصلٌ) ولأن محل المكسورة وما عملت فيه الرَّفعُ جازَ في قولِكَ: إنَّ زيدًا ظَرِيفٌ وعَمرًا، وإن بِشْرًا رَاكِبُ لا سَعِيْدًا، أو بَلْ سَعِيْدًا أن ترفع المعطوف حملًا على المحلّ، قالَ جرير (٢):

إنَّ الخِلَافَةَ والنُّبُوَّةَ فِيْهِمُ … وَالمَكْرُمَاتُ وَسَادَةٌ أَطْهَارُ"

قال المُشَرِّحُ: إذا قُلنا: إن زيدًا ظريفٌ فمحصوله زيدٌ ظريفٌ، فلذلك جازَ في معنى المعطوف الرَّفع.

قال جارُ الله: "وفيه وجهٌ آخرُ ضعيفٌ، وهو عطفه على ما في الخبر من الضمير".

قال المُشَرِّحُ: وفيه وجه آخرُ ليس بذلك، وتقول تعطف على ما في


(١) سورة العاديات: آية ١١.
قال الأندلسي في شرحه (٣/ ١٩٥): "قلتُ كانَ الحَجَّاجُ يَتَحَفَّظُ من اللَّحْنِ حتَّى قيل: ثلاثةُ ما سُمع منهم لحنٌ قطُّ الحجاجُ أحدهم والآخر الشعبي و [الثالث]، الحسنُ البَصْريُّ فلما سبق لسانه إلى فتح "إن" من قوله تَعالى: {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} أسقط اللام من {لَخَبِير} فقال: خَبِيْرٌ لئلا يجمع بين اللَّام وفتح "إن" وذلك لحنٌ. أمَّا ما يُروى يفتح على زيادة اللَّام فبعيدٌ عنَ القياس والاستعمال فلذلك لم يَرْتكبه، وأقدم على إسقاط حرفٍ من التِّلاوة. ومن أجاز قراءَة القُرآن بالمعنى لم يرَ بهذا بأسًا، ومن منعَ من ذلك لم يُرخص في مثل هذا، ولهذا أخرجه مخرج الشَّناعة عليه والتَّنديد به، والعجب إنه كان حَنَفِيًّا، وهو يعتقد جواز قراءة القرآن بالمعنى فيكف يُشنِّعُ على مذهبه"؟.
وعقب عليه ابن المُستوفي في إثبات المُحَصَّل (ص ١٧٧) بقوله: "قلتُ أيضًا: إسقاط شيءٍ من القُرآن غير القراءة بالمعنى".
(٢) لم أجده في ديوان جرير، ولم يشرحه ابن المستوفي في إثبات المُحَصَّل وهو في المنخل (ص ١٧٧)، شرح المفصل لابن يعيش (٨/ ٦٦)، شرحه للأندلسي (٣/ ١٩٥).
وينظر: الكتاب (١/ ٢٨٦)، شرح الشواهد للعيني (٢/ ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>