للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسَرُّ المَرءُ ما ذَهَبَ اللَّيَالِي … وَكَانَ ذَهَابُهنَّ له ذَهَابَا"

قالَ المُشَرِّحُ: الرِّوايةُ: "يُسَرُّ" مَبْنِيًّا للفاعِل، و"المَرْءُ" منصوبٌ و"ما" في محلّ الرَّفْعِ بأنه فاعلُ "ذهب". ولو رُويَ "يُسَرُّ" مبنيًا للمفعول و"المرءُ" مرفوعٌ بأنه فاعلُ "يسرُّ"، و"ما" للمُدَّة لكانَ وجهًا وأنشد الشَّيخُ (١):

أَعدّ سِنِيْنِي فَارِحًا بمُرُوْرِهَا … ومَأْتَى المَنَايَا مِنْ سِنِيٍّ وأَشْهُرُ

علي بن عيسى: إنما أعملت "أن" في الفعل المضارع ولم تعمل "ما" لأن "أن" نقلته نقلين إلى معنى المصدر والاستقبال، و"ما" لم تنقله إلَّا نقلًا واحدًا، إلى معنى المصدر فقط، وكلُّ ما كان أقوى على تغيير معنى الشيء كان أقوى على تغيير لفظه.

قال جارُ الله: "وتقول: بَلَغَني أن جاء عمرَّو، وأريد أن تفعلَ وإِنَّه أهلٌ أن يفعلَ وقال اللَّه تَعالى (٢): {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا} ".

قالَ المُشَرِّحُ: أما معنى "أن" المفتوحة التي هي مع الفعل بمنزلة المصدر فدلالتها مع المُضي على معنى الاستقبال لأنَّها يدخل عليها، ولا تقع الحال، ولا تعمل إلا في باب المستقبل ويُدل على إيجابها المستقبل أنَّك إذا


= يَوَد المَرْءُ ما نَفِدَ اللَّيالي … وكان فناؤهُنَّ له فَنَاءُ
يحب المَرءُ ما تفد اللَّيالي … كأن نَفَادُهُنَّ له بَقَاءُ
وبعضُ القول ليس له عِيَاجٌ … كمحض الزّبْد له اتّقَاءُ
يحبّ المرءُ أَن يَلقى نَعِيْمًا … ويَأْبَى الله إلا ما يَشَاءُ
ثم قال: "نقلته من خط محمد بن علي بن عبد العزيز بن إبراهيم بن حاطب النعمان".
توجيه إعراب البيت وشرحه في: إثبات المحصل (ص ١٩٠)، المُنخل (ص ١٨٥)، شرح المفصل لابن يعيش (٨/ ٤٢)، شرحه للأندلسي (٣/ ٢٤٩).
وينظر: التصريح (١/ ٢٦٨)، الهمع (١/ ٨١). والأبيات في مواضع متفرقة من ديوان قيس.
(١) حاشية المفصل (ص ١٣٩) ونسبه إلى البحتري. ولم أجده في ديوانه.
(٢) سورة النمل: آية ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>