للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجواب لَمَّا يَفْعَلُ، وقال الخليلُ: هذا الكلامُ لقوم ينتظرون الخبر. أبو سَعِيْدٍ السِّيْرَافِيُّ (١): يعني أن الإِنسان إذا سُئِلَ عن فعلِ [فاعل] (٢) أو علم أنه يتوقع أن يخبر به قيل له: قد فَعَلَ، فإن كان المخبرُ مبتدئًا قال: فعل فلانٌ كَذا وكَذا. ونظير ذلك إذا أردت أن تنفي والمحدث يتوقع إخبارك قلتَ: لمَّا يفعل، وهو نقيض قد فَعَلَ، وإذا ابتدأت قلتَ: لم يفعل إذا قيل لما يفعل فإنك ترد عليه بقد فعل، وإذا قيل: قد فعل فإنك ترد عليه بلمَّا يفعل.

قال جارُ الله: " (فصلٌ) وتكون للتَّقليل بمنزلة "ربما" إذا دخل على المضارع كقولهم: إنَّ الكذوب قد يَصدقُ".

قالَ المُشَرِّحُ: الثالثُ: تَقْلِيْلُ الفعل في الإِخبار بمعنى تقريبه من الحال كقولك: قد يَصدق الكاذِبُ، وقد يَعْثُرُ الجوادُ، وذلك لما بين التقريب والتقليل من المقاربة، ألا تَرى أنَّ التقريبَ في الحقيقةِ تقليلُ المَسَافَةِ.

قالَ جارُ اللهِ: " (فصلٌ) ويجوزالفصلُ بينه وبين الفعل بالقسم كقولك: قَدْ -واللهِ- أحْسَنْتَ وقد -لَعَمْرِي- بُثُّ ساهِرًا، ويجوز طرح الفعل بعدها إذا فُهم كقوله (٣):

أَفِدَ التَّرَحُّلُ غيرَ أنَّ رِكَابَنَا … لَمَّا نَزَلْ بِرِحَالِنَا وَكَأَنْ قَدِ"

قال المُشَرِّحُ: إنما حَسُنَ الفَصْلُ بين "قَدْ" ولم يحسن في الألف واللام وسوف والسين، لأنَّهم إذا تَوَسَّعُوا في "قَدْ" بإفرادها وطرح ما بعدها لدلالة ما تقدَّمها عليه فلأن يَتَوَسَّعُوا فيه بالفصل أولى.

الرِّوايةُ: "أحسنتَ" بفتح التاء، التاء في "بتُّ" مضمومة "ساهرًا" بالرَّاء لا بالدَّال. "ركابنا" بإضافة ركاب إلى الضمير، لأن ركابَنا جمعُ ركوبةٍ.


(١) شرح السيرافي (٥/ ١٨٩).
(٢) عن شرح أبي سعيد.
(٣) تقدم ذكره ص: ٨، ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>