للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ الله: وما فيه سببان من الثُّلاثِيّ الساكنِ الحَشوِ كنوحٍ ولُوطٍ (١) منصرفٌ في اللُّغةِ الفَصيحةِ التي عليها التَّنزيلُ لمقاومةِ السُّكونِ أحدَ السّببين، وقومٌ يجرونه على القياسِ فلا يصرفونَه وقد جَمَعَهما الشاعرُ في قوله (٢):

لم تَتَلَفَّع بفضلِ مئزَرِها دَعدُ … ولم تَشق دعدُ في العُلَبِ

قالَ المشرحُ: الاسمُ إن وُجِدَ فيه التركيبُ على ما ذَكَرناه من التَّفسيرِ، أو سببان من أسبابِ امتناعِ الصرفِ، كما هو مذهبُ النَّحويين إلا أنَّه متى كان ثُلاثيًّا ساكنَ الحَشوِ فإنه فيه خِفَّةٌ، وأمَّا الاستحسانُ أن يُصرفَ لمقاومةِ الخِفَّة فيه الثقلُ الناشئُ من سببِ امتناعِ الصرفِ فيصيرُ كأنَّ ذلك الثِّقَلَ لم يُوجد فيه.

فإن سألتَ: ألا (٣) يجوزُ أن يكونَ انصرافُ دَعدٍ في البيتِ للضَّرورةِ؟ أجبتُ: الأصلُ في الكلامِ أن لا يُحمل على الضرورة لا سيَّما إذا كان مُحتَجًّا به. العُلَب: تكسير عُلْبَةٍ وهي وعاءٌ من جِلدٍ فكأنَّه يقول: إِنَّ دَعدًا مخدومةٌ لا خادِمةٌ تأتَزِرُ كما تَأْتَزِرُ الإِماءُ، منعَّمة لا بَدويَّةٌ حتى يكونَ مشرَبَها من الجلدِ الإِناءُ.


(١) أضاف بعد كلمة "لوط" في (ب) وهند وجمل مصححة على الهامش ولا توجد في (أ) ولا في جميع نسخ المفصّل.
(٢) ينسب هذا البيت إلى جرير، كما ينسب إلى عبد الله بن قيس الرقيات انظر في شرحه وإعرابه: المنخّل: ورقة: ١٤، والخوارزمي: ٨ وزين العرب ورقة: ٦، وشرح الأندلسي: ١/ ٩٣، ٩٤، وابن يعيش: ١/ ١٧٠ والبيت من شواهد كتاب سيبويه: ٢/ ٢٢، ومن شواهد الجمل: ٢٢٧ وقد شرحه شراح أبيات الجمل منهم أبو الحسن بن سيدة: ورقة ٦٢، وأبو محمد بن السيد. الحلل: ٩٣ وأبو عبد الله بن هشام اللخمي في الفصول والجمل … : ١٩٨ وأبو جعفر اللَّبلي في وشي الحلل: ٥٥، وأبو الحسن علي بن حريق في شرح رسالة أبيات الجمل له: ورقة: ١٤٦، ١٤٧ … وغيرهم. وانظر الخصائص: ٣/ ٦١، ٣١٦، والمنصف: ٢/ ٧٧، وديوان جرير: ١٠٤١ وملحقات ديوان ابن قيس الرقيات: ١٧٨.
(٣) في (ب) لم لا.
قال ابن سيدة في شرح أبيات الجمل له: التلفّع أن تشتمل بالثوب الواحد حتى يجلل بها جسدها وقيل: تتلفع ها هنا: تتقنع، وهو اشتمال الصماء عند العرب (التهذيب: ٢/ ٤٠٢) العلب: جمع علبة: وهو القدح. تشق يروي تسق بالسين غير المنقوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>