للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَرَبَ غلامَه زيدٌ، وامتَنَعَ: ضرَبَ غلامُه زيدًا.

قالَ المشرّحُ: ها هنا مسائلُ أربعٌ الأُولى: ضربَ زيدٌ غلامَه، وهذا بالاتفاقِ جائزٌ، الثانيةُ: ضَرَبَ غلامَه زيدٌ، وهذا أيضًا جائز، الثالثة ضَرَبَ غلامُه زيدًا، وهذا بالاتفاق (١) غيرُ جائزٍ ضرورةً، لأنَّ الضميرَ لا بُدَّ له من مصرفٍ مقدَّمٍ إمَّا حقيقةً وإمَّا تقديرًا، وليس ها هنا مصرفٌ مقدّمٌ، أمّا حقيقةً فظاهرٌ، وأمَّا تقديرًا فلأنَّ زيدًا ها هنا غيرُ مقدَّمٍ تقديرًا، لأنَّ من شأنِ المفعولِ أن يَتَأخَّرَ عن الفاعِلِ. الرابعة: ضربَ زيدًا غلامُه. وهذا بالاتفاق غيرُ جائزٍ.

قالَ جارُ الله: "فصلٌ ومضمره، في الإِسنادِ إليه كمظهرهِ، تقول: ضربتُ، وضربًا، وضربوا، وضربنَ".

قالَ المشرحُ: الفعلُ كما يَجتَزِئُ بالفاعلِ إذا كان مظهرًا، فكذلك يجتَزِئُ إذا كان مضمرًا.

قالَ جارُ الله: وتقولُ: زيدٌ ضَرَبَ فتنوي (٢) في ضربَ فاعلًا وهو ضميرٌ يرجعُ إلى زيد (٣) شبيهٌ بالتّاءِ الراجعةِ إلى أنا وأنت في أنا ضربتُ، وأنتَ ضربتَ.

قالَ المشرّحُ: المضمرُ على ضربين بارزٌ ومستكنٌّ، فالبارزُ هو التاءُ


(١) ورد في نسخة (ب) حاشية قوله: هذا بالاتفاق غير جائز، أقول: ليس اتفاق على عدم الجواز، فإن الأخفش وابن جني جوزا الإِضمار قبل الذكر لفظًا ورتبه كما في قول الشاعر: [لأبي الأسود كما في ديوانه: ٢٣٧].
جزى ربُّه عني عدي بن حاتم … جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
فالهاء راجعة إلى عدي. والجواب أنَّ ذلك ضرورة، وأن الهاء راجعة إلى مصدر الفعل، أي: جزى الجزاء. لمحرره أحمد الكواكبي غفر له.
وانظر: الخصائص: ١/ ١٤١، وضرائر الشعر لابن عصفور: ٢٠٩ والخزانة: ١/ ١٣٤.
(٢) في (ب) فقط: وتنوي.
(٣) في (ب) فقط: إلى الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>