للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكونُ إنّ بمعنىٍ القَسَم، كجيرِ. فإن سألتَ (١): كيفَ كانت الجملةُ ها هنا سالفةً (٢) مقدمةً على المصدَرِ، والمصدرُ ها هنا مُتَخَلّلٌ لأجزاءِ الجملةِ، واقعٌ في أثنائِها؟ ثم المصدَرُ ها هنا وهو -قَسَمًا- كما دَلّ على معنى مقيَّدٍ وهو تأكيدٌ مخصوصٌ، دَلّ على معنى مقيّد (٣) وهو قولُ المخاطَبِ، دَلّت على مُطلَقِ الجُملةِ السَّالفةِ وهو القولُ (٤) نَفسُهُ فَوَجَبَ أن يكونَ ذلك المصدَرُ تأكيدًا لنفسِهِ؟ أجبتُ: أمّا الأولُ فإنَّ الجُملةَ وإن كانت غيرَ مقدّمةٍ على المصدَرِ صورةً فهي مقدمةٌ عليه معنىً، لأنَّ حقَّ العاملِ في المصدرِ أن يكونَ مُقَدَّمًا على المَصدَرِ. وأمّا الثاني فلأنّ (٥) لا قولَك دلَّ على معنىً لم تَدُلَّ عليه الجُملةُ السَّالفةُ (٢) وهي هَذا القولُ، لا لَفظًا ولا عَقلًا. لأمنِحكَ: بكسر النّون وفتح (٦) الكاف، كذا السّماعُ، والذي يَدُلّ على أنَّ الرِّوايةَ فيه فَتحُ الكاف أنَّ الخِطَابَ فيه للبيتِ، بدليلِ البيتِ المتقدّمِ.

يا بيتَ عاتِكَةَ الذي أتعَزَّلُ … حَذَرَ العِدا وبه الفُؤاد موكّلُ (٧)

قالَ جارُ الله: "وقوله تعالى (٨): {صُنْعَ اللَّهِ} ".

قال المشرحُ: هذا النوع الثاني من المصدَرِ المؤكّدِ لنفسِه بدليل أنَّ الجُملةَ السَّالفةَ ها هنا قوله: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ} ولا شَكَّ أنَّ "تَمُرُّ مَرَّ السحابِ" معلومٌ عَقلًا أنّه صُنعُ اللهِ.


(١) من هنا … إلى آخر النّص في المحصّل: ١/ ورقة ١٧٠.
(٢) في (ب) السّابقة.
(٣) في (ب) هو بدون واو العطف.
(٤) في (أ) وهى قول نفسه.
(٥) في (ب) فإنّ لا قولك.
(٦) في (ب) وكسر ..
(٧) الديوان: ١٦٦، والزّاهر: ورقة: ١٣.
(٨) سورة النمل: آية: ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>