للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ جارُ اللَّهِ: "الثاني: أن تقعَ موقعًا هو بالفعلِ أولى، وذلك أن تقعَ بعد حرفِ الاستفهامِ [كقولك: أعبدَ الله ضربتُه] (١) ".

قالَ المشرّحُ: بَيَّنَ الشيخُ الموضعَ الثاني من المواضع التي يُختارُ فيها النَّصبُ على الرفع، وذلك أن تقعَ موقعًا هو بالفعلِ أولى، وذلك على (٢) أنواعٍ، النوعُ الأول: أن تقعَ بعد حرفِ الاستفهام كقولك: أعبدَ اللَّهِ ضربتُه، وهذا لأنَّ مذهبَ النحويين أنَّ الاستفهامَ لا يدخَلُ إلَّا على الفِعلِ، فإذا لم يَكن الفعلُ عُقيبَهُ مَذكورًا فهو فيه مقدّرًا، تقديره: أَضَرَبتَ عبدَ اللَّهِ ضَرَبتَهُ، وهذا ليس بشيءٍ، والحَقيقةُ ما ذكرتُه في الفصل الذي أوّله: (وقد يَجيءُ الفاعلُ ورافعُه مضمرٌ).

قالَ جارُ اللَّه: "ومثله آلسّوطَ ضربتَ به زيدًا، وآلخوانَ أُكِلَ عليه اللَّحمُ وأزيدًا أنتَ محبوسٌ عليه، وأزيدًا أنت مكابرٌ عليه، وأزيدًا سمعتَ بهِ".

قالَ المشرّحُ: مذهبُهم أنَّ المنصوبَ قبلَ الفعلِ المتّصلِ به الضميرُ المنصوبُ ينتصبُ بفعلٍ آخرَ مضمرٍ قبلَ ذلكَ المنصوب، وهو على لفظِ ذلك المذكورِ بعدَ ذلِك المنصوبِ، فإن لم ينجَع إِضمارُه أَضمرَ ما هو قريبٌ من ذلك الفعل ولذلك قالوا: فَي آلخوانِ أُكلَ عليه اللحمُ، أعلى اللَّحم الخوانَ وأزيدًا أنتَ محبوسٌ عليه ارتقبتَ (٣) زيدًا أنت (٤) محبوسٌ عليه، وهذا تمحُّلُ شنيعٌ، وهبكَ تمحَّلتَ ها هنا فما وجهُ التَّمحُّلِ في قولك: آلسوطَ ضُربَ به عمروٌ؟ وذلك لأنَّك لا تكادُ تجدُ شيئًا ينصبُ السّوط، وإنما الوجهُ الصحيحُ ها هنا ما ذهبَ إليه الكوفيُّون من أنَّ المنصوبَ المُتقدمَ يَنتصبُ بهذا الفعل


(١) في (ب).
(٢) في (أ) وهو على نوعين.
(٣) في (أ) أم بقيت.
(٤) في (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>