للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيخِ -رَحِمَه اللَّه (١) - لتكونُ الأُولى عَلَمًا لِضَمِّ واحدٍ إلى واحدٍ على مَذهَبِ سيبَويه. ثمَّ كونُ النُّونِ ها هُنا بَدَلًا عن التَّنوينِ في مَعنى الكَبسِ لا في غَيرِهِ، والغَرَضُ (٢) في هذا الفِعل لا يَكادُ يلوحُ إلا إذا ثَبَتَتْ (٣) فائدةُ التَّنوين الّذي هو عَلَمُ الخِفَّةِ، فقلتَ المَقصودُ بهذا التَّنوبن شيئان: أحدهُما: كَبس الفُرجَةِ المتوهِّمةِ (٤) في موصِلِ الكِلمَتَينِ بحرفٍ خَفيفٍ، والكلامُ في هذا الفَصلِ يُنظَرُ في مسألةِ استحالةِ الخلا بطريقِ المشارفَةِ.

والثاني: هو الدِّلالةُ على التَّنكيرِ، أي على أنَّ ذلك الاسمَ الّذي لَحِقَه التَّنوين غيرُ مَعنِيّ بذلِكَ ولا مَوصوفٍ في الكلامِ الّذي لَحِقَه فيه، أو مشارفٌ أن يكونَ كذلك والمَعنِيّ بذلك أنَّ المتكلّمَ في ذلك الكلامِ ساكتٌ عنِ وَصفِهِ وتَعريفِهِ. فإن سألتَ: فما تقولُ في جاءَني رَجُلٌ مُسلِمٌ، فإنَّ قولَكَ: رجلٌ مع أنَّه منوَّنٌ قد وُصِفَ كما تَرى في الكلامِ الّذي لَحِقَه فيه التَّنوينُ بِمُسلمٍ (٥)؟ أجبت: ما الدَّليلُ على أنَّ "رجلٌ" قد وُصفَ في الكلامِ الّذي لَحِقه فيه التَّنوين بمُسلمٍ (٦)، وهذا لأنَّ قَولَكَ: جاءَني رَجُلٌ مُسلِمٌ وإن كان من حيثُ الظَّاهر كلامًا واحدًا، فهو في الحقيقةِ كلامان، بَيانُه أنَّك إذا قُلتَ: جاءَني رَجُلٌ، فكأنّه قيلَ أيُّ رَجُلٍ جاءَك، فقلتَ مُسلِمٌ، أيْ مُسلِمٌ من الرِّجالِ جاءَني فَقَولُكَ: جاءَني رَجُلٌ كَلامٌ، وقَولُكَ: مُسلِمٌ من الرّجالِ جاءني كلامٌ آخرُ. ومعنى مشارَفَتِهِ التَّنكيرَ أن يكونَ في الحالِ مَعرفةً إلَّا أنَّه على شَرَفِ العَودَةِ إلى التَّنكيرِ، وذلِكَ في نحو زَيدٌ وعبَّاسٌ، وكذلِكَ كلّ ما صارَ في أصلِهِ جِنسًا. إذا ثَبَتَ هذا رَقَّيتُكَ إلى المطلبِ فقلت: النُّون في


(١) جملة الدعاء في (ب).
(٢) في (ب) تقدمت كلمة الغرض على الجملة التي قبلها.
(٣) في (أ) ثبت.
(٤) في (أ) الموهومة.
(٥) في (ب).
(٦) في (أ) لمسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>