وَالْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ الْحَيِّ كَمَيْتَتِهِ إلَّا شَعْرَ الْمَأْكُولِ فَطَاهِرٌ، وَلَيْسَتْ الْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ، وَرُطُوبَةُ الْفَرْجِ بِنَجَسٍ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
نَجَاسَةِ مَيْتَةِ الْآدَمِيِّ كَمَا أَفَادَهُ الرُّويَانِيُّ، وَلَوْ خَرَجَ اللَّبَنُ عَلَى لَوْنِ الدَّمِ فَالْقِيَاسُ طَهَارَتُهُ كَمَا لَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ عَلَى هَيْئَةِ الدَّمِ هَذَا إذَا كَانَتْ خَوَاصُّ اللَّبَنِ مَوْجُودَةً فِيهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْخَادِمِ، وَالْإِنْفَحَةُ: وَهِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْحَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ لَبَنٌ فِي جَوْفِ نَحْوِ سَخْلَةٍ فِي جِلْدَةٍ تُسَمَّى إنْفَحَةً أَيْضًا إنْ أُخِذَتْ مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ بَعْدَ ذَبْحِهِ لَمْ يُطْعَمْ غَيْرَ اللَّبَنِ طَاهِرَةٌ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي عَمَلِ الْجُبْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُخِذَتْ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ مِنْ مَذْبُوحٍ أَكَلَ غَيْرَ اللَّبَنِ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْمُسْتَحِيلَاتِ فِي الْبَاطِنِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: أَوْ أَكَلَ لَبَنًا نَجِسًا: كَلَبَنِ أَتَانٍ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ.
قَالَ شَيْخِي: لِأَنَّ الْبَاطِنَ يُحِيلُ مَا يَدْخُلُهُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ إلَيْهِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَغَيْرِهِ، وَهَلْ يُقَالُ: إنَّ الْبَهِيمَةَ إذَا طَعِمَتْ شَيْئًا لِلتَّدَاوِي لَا يَضُرُّ ذَلِكَ فِي طَهَارَةِ الْإِنْفَحَةِ كَمَا قَالُوا فِي الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يُطْعَمْ غَيْرَ اللَّبَنِ إنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي إجْزَاءِ الرَّشِّ مِنْ بَوْلِهِ أَوْ لَا. الظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّهَا تَصِيرُ بِذَلِكَ كَرِشًا لَا إنْفَحَةً، وَلِذَلِكَ لَمْ يُقَيِّدْ سِنَّهَا بِالْحَوْلَيْنِ كَالصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ فِيهِ عَلَى التَّغَذِّي وَعَدَمِهِ، وَشُرْبُهُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ يُسَمَّى تَغَذِّيًا، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِيهَا مَا يُسَمَّى إنْفَحَةً، وَهِيَ مَا دَامَتْ تَشْرَبُ اللَّبَنَ لَا تَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ
(وَالْجُزْءُ الْمُنْفَصِلُ مِنْ) الْحَيَوَانِ (الْحَيِّ) وَمَشِيمَتِهِ (كَمَيْتَتِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْحَيِّ: إنْ طَاهِرًا فَطَاهِرٌ، وَإِنْ نَجِسًا فَنَجِسٌ، لِخَبَرِ «مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيْتَةٌ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، فَالْمُنْفَصِلُ مِنْ الْآدَمِيِّ أَوْ السَّمَكِ أَوْ الْجَرَادِ طَاهِرٌ، وَمِنْ غَيْرِهَا نَجِسٌ، وَسَوَاءٌ فِي الْمَشِيمَةِ وَهِيَ غِلَافُ الْوَلَدِ، مَشِيمَةُ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ. أَمَّا الْمُنْفَصِلُ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَيْتَتِهِ بِلَا شَكٍّ (إلَّا شَعْرَ) أَوْ صُوفَ أَوْ رِيشَ أَوْ وَبَرَ (الْمَأْكُولِ فَطَاهِرٌ) بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ نُتِفَ مِنْهَا أَوْ اُنْتُتِفَ.
قَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: ٨٠] ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أُخِذَ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ أَوْ فِي الْحَيَاةِ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ وَذَلِكَ مُخَصِّصٌ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ. أَمَّا الْمُنْفَصِلُ مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ كَالْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ فَنَجِسٌ وَلَوْ شَكَكْنَا فِيمَا ذُكِرَ هَلْ انْفَصَلَ مِنْ طَاهِرٍ أَوْ مِنْ نَجِسٍ حَكَمْنَا بِطَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَشَكَكْنَا فِي النَّجَاسَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَيْنَا قِطْعَةَ لَحْمٍ وَشَكَكْنَا هَلْ هِيَ مِنْ مُذَكَّاةٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّذْكِيَةِ، وَالشَّعْرُ عَلَى الْعُضْوِ الْمُبَانِ نَجِسٌ إنْ كَانَ الْعُضْوُ نَجِسًا تَبَعًا لَهُ، وَشَعْرُ الْمَأْكُولِ الْمُنْتَتَفُ الطَّالِعُ بِأُصُولِهِ مِنْ الْجِلْدِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ طَاهِرٌ، فَإِنْ انْفَصَلَ أَصْلُهُ مَعَ شَيْءٍ مِمَّا نَبَتَ فِيهِ مِنْ الْجِلْدِ وَفِيهِمَا رُطُوبَةٌ.
قَالَ شَيْخِي: فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ (وَلَيْسَتْ الْعَلَقَةُ) وَهِيَ الدَّمُ الْغَلِيظُ الْمُسْتَحِيلُ مِنْ الدَّمِ فِي الرَّحِمِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَعْلَقُ لِرُطُوبَتِهَا بِمَا تَمُرُّ عَلَيْهِ (وَالْمُضْغَةُ) وَهِيَ الْعَلَقَةُ تَسْتَحِيلُ فَتَصِيرُ قِطْعَةَ لَحْمٍ. وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ بِقَدْرِ مَا يُمْضَغُ قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ (وَرُطُوبَةُ الْفَرْجِ) مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (بِنَجَسٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (فِي الْأَصَحِّ) بَلْ طَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ أَصْلُ حَيَوَانٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute