للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَطْهُرُ نَجِسُ الْعَيْنِ إلَّا خَمْرٌ تَخَلَّلَتْ

ــ

[مغني المحتاج]

طَاهِرٍ كَالْمَنِيِّ، وَالثَّالِثَ كَعِرْقِهِ، وَالْقَائِلُ بِالنَّجَاسَةِ يُلْحِقُ الْأُولَى بِالدَّمِ وَالثَّانِيَةَ بِالْمَيْتَةِ، وَيَقُولُ الثَّالِثَةُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ يَنْجُسُ بِهَا ذَكَرُ الْمُجَامِعِ وَالْبَيْضُ الْخَارِجُ مِنْ الْمَحَلِّ، فَيَجِبُ غَسْلُ الذَّكَرِ وَغَسْلُ الْبَيْضِ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْوَلَدِ إجْمَاعًا.

قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَرُطُوبَةُ الْفَرْجِ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعِرْقِ. وَأَمَّا الرُّطُوبَةُ الْخَارِجَةُ مِنْ بَاطِنِ الْفَرْجِ فَنَجِسَةٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّاصِقَةِ لِقِلَّتِهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قَيَّدَهَا فِي الْأَنْوَارِ بِاللَّاصِقَةِ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ، وَالشَّارِحُ قَيَّدَ الثَّلَاثَةَ بِكَوْنِهَا مِنْ الْآدَمِيِّ لِيُفِيدَ بِهِ مَعَ قَوْلِهِ آخِرَ الْمَقَالَةِ، وَالثَّلَاثَةُ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَوْلَى بِالنَّجَاسَةِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الثَّلَاثَةِ جَارٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ الْآدَمِيِّ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَقْوَى مِنْ مُقَابِلِهِ فِيهَا مِنْ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُخْتَلِفٌ بَيْنَ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الطَّاهِرَةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَرَّرْتُهُ، بَلْ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ عَلَى اصْطِلَاحِهِ أَنْ يُعَبِّرَ فِي رُطُوبَةِ الْفَرْجِ بِالْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ.

فُرُوعٌ: دُخَانُ النَّجَاسَةِ نَجِسٌ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَعَنْ يَسِيرِهِ عُرْفًا مِنْ شَعْرٍ نَجِسٍ مِنْ غَيْرِ نَحْوِ كَلْبٍ، وَيُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ مِنْ مَرْكُوبٍ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ. أَمَّا شَعْرُ نَحْوِ الْكَلْبِ فَلَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، وَيُعْفَى عَنْ رَوْثِ سَمَكٍ فَلَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ مَا لَمْ يُغَيِّرْهُ فَإِنْ غَيَّرَهُ نَجَّسَهُ، وَبُخَارُ النَّجَاسَةِ إنْ تَصَاعَدَ بِوَاسِطَةِ نَارٍ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ تَفْصِلُهَا النَّارُ بِقُوَّتِهَا فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ كَالْبُخَارِ الْخَارِجِ مِنْ نَجَاسَةِ الْكَنِيفِ فَطَاهِرٌ كَالرِّيحِ الْخَارِجِ مِنْ الدُّبُرِ كَالْجُشَاءِ، وَبِهَذَا جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ كَلَامَيْ مَنْ أَطْلَقَ الطَّهَارَةَ كَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَبَيْنَ مَنْ أَطْلَقَ النَّجَاسَةَ.

وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ: إذَا خَرَجَ مِنْ الْإِنْسَانِ رِيحٌ وَكَانَتْ ثِيَابُهُ مَبْلُولَةً تَنَجَّسَتْ وَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً فَلَا. قَالَ: وَكَذَلِكَ دُخَانُ كُلِّ نَجَاسَةٍ أَصَابَ شَيْئًا رَطْبًا كَمَا إذَا دَخَلَ اصْطَبْلًا رَاثَتْ فِيهِ دَوَابُّ وَتَصَاعَدَ دُخَانُهُ فَإِنْ أَصَابَ رَطْبًا نَجَّسَهُ اهـ.

وَالْأَوْجَهُ الْجَمْعُ، وَلِمَا يَغْلِبُ تَرَشُّحُهُ كَالدَّمْعِ وَالْعَرَقِ وَالْمُخَاطِ وَاللُّعَابِ حُكْمُ حَيَوَانِهِ طَهَارَةً وَنَجَاسَةً لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكِبَ فَرَسًا مَعْرُورًا وَرَكَضَهُ وَلَمْ يَجْتَنِبْ عَرَقَهُ» (١) وَيُقَاسُ بِهِ غَيْرُهُ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ، وَالزَّرْعُ النَّابِتُ عَلَى نَجَاسَةٍ طَاهِرُ الْعَيْنِ وَيَطْهُرُ ظَاهِرُهُ بِالْغَسْلِ وَإِذَا سَنْبَلَ فَحَبُّهُ طَاهِرٌ بِلَا غَسْلٍ وَكَذَا الْقِثَّاءُ وَنَحْوُهَا وَأَغْصَانُ شَجَرَةٍ سُقِيَتْ بِمَاءٍ نَجِسٍ وَثَمَرُهَا

(وَلَا يَطْهُرُ نَجِسُ الْعَيْنِ) بِغَسْلٍ وَلَا بِاسْتِحَالَةٍ كَالْكَلْبِ إذَا وَقَعَ فِي مَلَّاحَةٍ فَصَارَ مِلْحًا، أَوْ احْتَرَقَ فَصَارَ رَمَادًا. أَمَّا الْمُتَنَجِّسُ فَسَيَأْتِي (إلَّا) شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا (خَمْرٌ) وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةِ (تَخَلَّلَتْ) بِنَفْسِهَا فَتَطْهُرُ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ النَّجَاسَةِ وَالتَّحْرِيمِ الْإِسْكَارُ وَقَدْ زَالَ، وَلِأَنَّ الْعَصِيرَ غَالِبًا لَا يَتَخَلَّلُ إلَّا بَعْدَ التَّخَمُّرِ، فَلَوْ لَمْ نَقُلْ بِالطَّهَارَةِ لَتَعَذَّرَ إيجَادُ حِلِّ الْخَلِّ وَهُوَ حَلَالٌ إجْمَاعًا وَيَطْهُرُ دَنُّهَا مَعَهَا، وَإِنْ غَلَتْ حَتَّى ارْتَفَعَتْ وَتَنَجَّسَ بِهَا مَا فَوْقَهَا مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>