دُونَ رِضَاهُمْ لَمْ يَصِحَّ، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ، وَلَهُمْ الْفَسْخُ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ بِكْرًا صَغِيرَةً أَوْ بَالِغَةً غَيْرَ كُفْءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَفِي الْأَظْهَرِ بَاطِلٌ، وَفِي الْآخَرِ يَصِحُّ، وَلِلْبَالِغَةِ الْخِيَارُ، وَلِلصَّغِيرَةِ إذَا بَلَغَتْ، وَلَوْ طَلَبَتْ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا السُّلْطَانُ بِغَيْرِ كُفْءٍ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ.
وَخِصَالُ الْكَفَاءَةِ: سَلَامَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ
ــ
[مغني المحتاج]
دُونَ رِضَاهُمْ) أَيْ بَاقِي الْمُسْتَوِينَ (لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ بِهِ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ فَاعْتُبِرَ رِضَاهُمْ كَرِضَا الْمَرْأَةِ.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ زَوَّجَهَا بِمَنْ بِهِ جَبٌّ أَوْ عُنَّةٌ بِرِضَاهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْبَاقِينَ بِذَلِكَ، وَمَا لَوْ رَضُوا بِتَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ ثُمَّ خَالَفَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ بِرِضَاهَا دُونَ رِضَا الْبَاقِينَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي لِرِضَاهُمْ بِهِ أَوَّلًا وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَفِي مَعْنَى الْمُخْتَلِعِ الْفَاسِخُ وَالْمُطَلِّقُ رَجْعِيًّا إذَا أَعَادَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَالْمُطَلِّقِ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَفِي قَوْلٍ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ (يَصِحُّ وَلَهُمْ الْفَسْخُ) لِأَنَّ النُّقْصَانَ يَقْتَضِي الْخِيَارَ لَا الْبُطْلَانَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا (وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ) أَوْ الْجَدِّ (بِكْرًا صَغِيرَةً أَوْ بَالِغَةً غَيْرَ كُفْءٍ) وَقَوْلُهُ (بِغَيْرِ رِضَاهَا) قَيْدٌ فِي الْبَالِغَةِ (فَفِي الْأَظْهَرِ) التَّزْوِيجُ الْمَذْكُورُ (بَاطِلٌ) لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْغِبْطَةِ؛ لِأَنَّ وَلِيَّ الْمَالِ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ الْغِبْطَةِ فَوَلِيُّ الْبُضْعِ أَوْلَى (وَفِي الْآخَرِ يَصِحُّ، وَلِلْبَالِغَةِ الْخِيَارُ) فِي الْحَالِ (وَلِلصَّغِيرَةِ) أَيْضًا (إذَا بَلَغَتْ) كَمَا مَرَّ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَزْوِيجِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ إذَا أَذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ مُطْلَقًا (وَلَوْ طَلَبَتْ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا) خَاصًّا (أَنْ يُزَوِّجَهَا السُّلْطَانُ) أَوْ نَائِبُهُ (بِغَيْرِ كُفْءٍ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) تَزْوِيجُهُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُمْ حَظٌّ فِي الْكَفَاءَةِ، وَالثَّانِي: يَصِحُّ كَالْوَلِيِّ الْخَاصِّ، وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: إنَّ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، وَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ نَصٌّ شَاهِدٌ لَهُ وَلَا وَجْهٌ لَهُ، فَإِنْ قِيلَ: يَدُلُّ لِذَلِكَ خَبَرُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ السَّابِقُ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ <m s= ١> فِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَهَا أُسَامَةَ بَلْ أَشَارَ عَلَيْهَا بِهِ وَلَا يَدْرِي مَنْ زَوَّجَهَا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ بِرِضَاهَا، وَلَوْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ وَلَكِنْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ لِغَيْبَتِهِ أَوْ عَضْلِهِ أَوْ إحْرَامِهِ فَلَا تُزَوَّجُ إلَّا مِنْ كُفْءٍ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي التَّصَرُّفِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ إذْنِهِ، وَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ حَاضِرًا وَفِيهِ مَانِعٌ مِنْ فِسْقٍ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ بَعْدَهُ إلَّا السُّلْطَانُ فَزَوَّجَ السُّلْطَانُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٌ بِرِضَاهَا فَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ طَرْدُ الْوَجْهَيْنِ.
وَلَمَّا اعْتَبَرَ الْكَفَاءَةَ فِي النِّكَاحِ، وَهِيَ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزَةُ لُغَةً: التَّسَاوِي وَالتَّعَادُلُ، وَشَرْعًا أَمْرٌ يُوجِبُ عَدَمُهُ عَارًا شَرَعَ فِي بَيَانِهَا، فَقَالَ: (وَخِصَالُ الْكَفَاءَةِ) أَيْ الصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا لِيُعْتَبَرَ مِثْلُهَا فِي الزَّوْجِ خَمْسَةٌ: أَوَّلُهَا (سَلَامَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ) فِي النِّكَاحِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ، فَمَنْ بِهِ بَعْضُهَا كَجُنُونٍ أَوْ جُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ لَيْسَ كُفُؤًا لِلسَّلِيمَةِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ صُحْبَةَ مَنْ بِهِ بَعْضُهَا وَيَخْتَلُّ بِهَا مَقْصُودُ النِّكَاحِ، وَلَوْ كَانَ بِهَا عَيْبٌ أَيْضًا فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute