للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحُرِّيَّةٌ، فَالرَّقِيقُ لَيْسَ كُفْئًا لِحُرَّةٍ، وَالْعَتِيقُ لَيْسَ كُفْئًا لِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ، وَنَسَبٌ، فَالْعَجَمِيُّ لَيْسَ كُفْءَ عَرَبِيَّةٍ، وَلَا غَيْرُ قُرَشِيٍّ قُرَشِيَّةً، وَلَا غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ لَهُمَا،

ــ

[مغني المحتاج]

كَفَاءَةَ اخْتَلَفَ الْعَيْبَانِ كَرَتْقَاءَ وَمَجْبُوبٍ أَوْ اتَّفَقَا كَأَبْرَصَ وَبَرْصَاءَ وَإِنْ كَانَ مَا بِهَا أَكْثَرُ وَأَفْحَشُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُهُ مِنْ نَفْسِهِ.

تَنْبِيهٌ: اسْتَثْنَى الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ الْعُنَّةَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهَا فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهَا فِي الْكَفَاءَةِ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ الْمُقْرِي. قَالَ الشَّيْخَانِ: وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا، وَإِطْلَاقُ الْجُمْهُورِ يُوَافِقُهُ. اهـ.

وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ تُبْنَى عَلَى الظَّاهِرِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّحَقُّقِ، وَمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اشْتِرَاطِ السَّلَامَةِ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ هُوَ عَلَى عُمُومِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَرْأَةِ.

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَلِيِّ فَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الْجُنُونُ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ لَا الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ، وَأَلْحَقَ الرُّويَانِيُّ بِالْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ الْعُيُوبَ الْمُنْفَرِدَةَ كَالْعَمَى وَالْقَطْعِ وَتَشَوُّهُ الصُّورَةِ، وَقَالَ: هِيَ تَمْنَعُ الْكَفَاءَةَ عِنْدِي، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، وَاخْتَارَهُ الصَّيْمَرِيُّ، وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالتَّنَقِّي مِنْ الْعُيُوبِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الزَّوْجَيْنِ خَاصَّةً دُونَ آبَائِهِمَا فَابْنُ الْأَبْرَصِ كُفْءٌ لِمَنْ أَبُوهَا سَلِيمٌ. ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَافِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ كُفْئًا لَهَا لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ (وَ) ثَانِيهَا (حُرِّيَّةٌ فَالرَّقِيقُ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ مُكَاتَبًا (لَيْسَ كُفْئًا لِحُرَّةٍ) وَلَوْ عَتِيقَةً لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ وَتَتَضَرَّرُ بِسَبَبِ النَّفَقَةِ، وَلِهَذَا خُيِّرَتْ بَرِيرَةُ لَمَّا عَتَقَتْ تَحْتَ زَوْجِهَا وَكَانَ عَبْدًا كَمَا سَيَأْتِي، وَلَيْسَ الرَّقِيقُ كُفْئًا لِمُبَعَّضَةٍ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الذَّخَائِرِ، وَهَلْ الْمُبَعَّضُ كُفْءٌ لَهَا؟ .

قَالَ فِي الْبَحْرِ: إنْ اسْتَوَيَا أَوْ زَادَتْ حُرِّيَّتُهُ كَانَ كُفْئًا لَهَا وَإِلَّا فَلَا (وَالْعَتِيقُ) كُفْءٌ لِعَتِيقَةٍ وَ (لَيْسَ كُفْئًا لِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ) لِنَقْصِهِ عَنْهَا، وَلَيْسَ مَنْ مَسَّ الرِّقُّ أَحَدَ آبَائِهِ أَوْ أَبًا أَقْرَبَ كُفْئًا لِخِلَافِهِ، وَالرِّقُّ فِي الْأُمَّهَاتِ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَيَانِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ فِي التَّأْثِيرِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَوْنِ الْعَتِيقِ لَيْسَ كُفْئًا لِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ لَا يُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ عُرْفٌ وَلَا دَلِيلٌ فَيَبْقَى التَّوَقُّفُ فِيهِ، وَقَدْ رَأَيْنَا كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يَكُونَ مَنْ مَسَّهُ الرِّقُّ أَوْ مَسَّ أَحَدَ آبَائِهِ أَمِيرًا كَبِيرًا أَوْ مَلِكًا كَبِيرًا وَالْمَرْأَةُ دُونَهُ بِكَثِيرٍ بِحَيْثُ تَفْتَخِرُ بِهِ وَهِيَ حُرَّةُ الْأَصْلِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَ) ثَالِثُهَا (نَسَبٌ) بِأَنْ تُنْسَبَ الْمَرْأَةُ إلَى مَنْ تَشْرُفُ بِهِ بِالنَّظَرِ إلَى مَنْ يُنْسَبُ الزَّوْجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَفْتَخِرُ بِأَنْسَابِهَا أَتَمَّ الِافْتِخَارِ وَالِاعْتِبَارُ فِي النَّسَبِ بِالْآبَاءِ (فَالْعَجَمِيُّ) أَبًا وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَرَبِيَّةً (لَيْسَ كُفْءَ عَرَبِيَّةٍ) أَبًا وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهَا أَعْجَمِيَّةً، لِأَنَّ اللَّهَ اصْطَفَى الْعَرَبَ عَلَى غَيْرِهِمْ (وَلَا) أَيْ وَلَيْسَ (غَيْرُ قُرَشِيِّ) مِنْ الْعَرَبِ مُكَافِئًا (قُرَشِيَّةً) لِخَبَرِ: «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا (وَلَا) أَيْ وَلَيْسَ (غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ) كُفْئًا (لَهُمَا) كَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ وَإِنْ كَانَا أَخَوَيْنِ لِهَاشِمٍ، لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ الْعَرَبِ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>