للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْ لَا يُحْضِرَهُ لِخَوْفٍ أَوْ طَمَعٍ فِي جَاهِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ وَلَا مُنْكَرٌ،

ــ

[مغني المحتاج]

مَنْزِلِهِ، أَوْ غَيْرِهِمَا وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَوَلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ دَعَا النَّاسَ إلَيْهَا أَفْوَاجًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ أَوْلَمَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ لِغَيْرِ عُذْرٍ مِمَّا مَرَّ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الثَّانِيَةَ كَالْيَوْمِ الثَّانِي فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ.

وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ، فَلَا تُطْلَبُ إجَابَةُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ وَإِنْ أَذِنَ وَلِيُّهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِ مَالِهِ لَا بِإِتْلَافِهِ. نَعَمْ إنْ اتَّخَذَهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبُ الْحُضُورِ (وَ) مِنْهَا (أَنْ لَا يُحْضِرَهُ) أَيْ يَدْعُوَهُ (لِخَوْفٍ) مِنْهُ لَوْ لَمْ يُحْضِرْهُ (أَوْ طَمَعٍ فِي جَاهِهِ) أَوْ إعَانَتِهِ عَلَى بَاطِلٍ، بَلْ لِلتَّوَدُّدِ وَالتَّقَرُّبِ، وَكَذَا لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ. وَمِنْهَا أَنْ يُعَيِّنَ الْمَدْعُوَّ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ، لَا إنْ نَادَى فِي النَّاسِ، كَأَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اُدْعُ مَنْ شِئْت، أَوْ افْتَحْ الْبَابَ وَقَالَ لِيَحْضُرْ مَنْ أَرَادَ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ حِينَئِذٍ لَا يُورِثُ وَحْشَةً. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَعْتَذِرَ الْمَدْعُوُّ إلَى الدَّاعِي وَيَرْضَى بِتَخَلُّفِهِ وَإِلَّا زَالَ الْوُجُوبُ. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَسْبِقَ الدَّاعِي غَيْرَهُ، فَلَوْ دَعَاهُ اثْنَانِ أَجَابَ السَّابِقَ، فَإِنْ جَاءَا مَعًا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا رَحِمًا ثُمَّ دَارًا.

وَمِنْهَا أَنْ لَا يَدْعُوَهُ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ، فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كُرِهَتْ إجَابَتُهُ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ عَيْنَ الطَّعَامِ حَرَامٌ حَرُمَتْ إجَابَتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَتُبَاحُ الْإِجَابَةُ، وَلَا تَجِبُ إذَا كَانَ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ، وَلِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ فِي زَمَانِنَا اهـ.

وَلَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ فِي مَالِ الدَّاعِي شُبْهَةً وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً وَلَيْسَ فِي مَوْضِعِ الدَّعْوَةِ مَحْرَمٌ لَهَا وَلَا لِلْمَدْعُوِّ وَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ حُرًّا، فَلَوْ دَعَا عَبْدًا لَزِمَهُ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ إنْ لَمْ يَضُرَّ حُضُورُهُ بِكَسْبِهِ، فَإِنْ ضَرَّ وَأَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فَوَجْهَانِ:

وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَالْمَحْجُورُ فِي إبَاحَةِ الدَّعْوَةِ كَالرَّشِيدِ، وَمِنْهَا أَنْ يَدْعُوَهُ فِي وَقْتِ الْوَلِيمَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الْمَدْعُوُّ قَاضِيًا، فَإِنْ كَانَ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَكَذَا كُلُّ ذِي وِلَايَةٍ عَامَّةٍ. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا بِمُرَخِّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَمِنْهَا أَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي ظَالِمًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا أَوْ مُتَكَلَّفًا طَلَبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ، قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتَعَيَّنَ عَلَى الْمَدْعُوِّ حَقٌّ كَأَدَاءِ شَهَادَةٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ (وَ) مِنْهَا (أَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ) أَيْ فِي مَوْضِعِ الدَّعْوَةِ (مَنْ يَتَأَذَّى) الْمَدْعُوُّ (بِهِ، أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ) كَالْأَرَاذِلِ، فَإِنْ كَانَ فَهُوَ مَعْذُورٌ فِي التَّخَلُّفِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّأَذِّي فِي الْأَوَّلِ وَالْغَضَاضَةِ فِي الثَّانِي، وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْوَلِيمَةِ عَدُوٌّ لَهُ لَا يَتَأَذَّى بِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْعَدَاوَةَ الظَّاهِرَةَ عُذْرٌ (وَ) مِنْهَا أَنْ (لَا) يُوجَدَ ثَمَّ (مُنْكَرٌ) كَخَمْرٍ، أَوْ مَلَاهٍ مُحَرَّمَةٍ، لِحَدِيثِ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقْعُدَنَّ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>