وَالتَّثْوِيبُ فِي الصُّبْحِ.
وَأَنْ يُؤَذِّنَ قَائِمًا لِلْقِبْلَةِ.
ــ
[مغني المحتاج]
الرَّفْعِ بَعْد أَنْ تَرَكَهُ، أَوْ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا.
(وَ) يُسَنُّ (التَّثْوِيبُ) وَيُقَالُ: التَّثَوُّبُ بِالْمُثَلَّثَةِ فِيهِمَا (فِي) أَذَانِ (الصُّبْحِ) وَهُوَ قَوْلُهُ بَعْدِ الْحَيْعَلَتَيْنِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَخُصَّ بِالصُّبْحِ لِمَا يَعْرِضُ لِلنَّائِمِ مِنْ التَّكَاسُلِ بِسَبَبِ النَّوْمِ، وَإِطْلَاقُهُ شَامِلٌ لِأَذَانِ الْفَائِتَةِ إذَا قُلْنَا بِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ نَظَرًا لِأَصْلِهِ، وَشَامِلٌ لَأَذَانَيْ الصُّبْحِ: وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ إنَّهُ إذَا ثَوَّبَ فِي الْأَوَّلِ لَا يُثَوِّبُ فِي الثَّانِي عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِأَصْلِهَا، وَيُكْرَهُ أَنْ يُثَوِّبَ لِغَيْرِ أَذَانِ الصُّبْحِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» وَسُمِّيَ ذَلِكَ تَثْوِيبًا مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ؛ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَعَا إلَى الصَّلَاةِ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ: أَيْ الْيَقَظَةُ لِلصَّلَاةِ خَيْرٌ مِنْ الرَّاحَةِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ النَّوْمِ.
وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ أَوْ الْمُظْلِمَةِ ذَاتِ الرِّيحِ بَعْدَ الْأَذَانِ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، فَلَوْ جَعَلَهُ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ أَوْ عِوَضًا عَنْهُمَا جَازَ، فَفِي الْبُخَارِيِّ الْأَمْرُ بِذَلِكَ.
(وَ) يُسَنُّ (أَنْ يُؤَذِّنَ) وَيُقِيمَ (قَائِمًا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «قُمْ يَا بِلَالُ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ» وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ.
وَأَنْ يَكُونَ مُتَوَجِّهًا (لِلْقِبْلَةِ) فِيهِمَا؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ، وَلِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ سَلَفًا وَخَلَفًا فَلَوْ تَرَكَ الِاسْتِقْبَالَ أَوْ الْقِيَامَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِالْأَذَانِ، وَالِاضْطِجَاعُ فِيمَا ذُكِرَ أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ الْقُعُودِ.
وَيُسَنُّ الِالْتِفَاتُ بِعُنُقِهِ فِي حَيْعَلَاتِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، لَا بِصَدْرِهِ مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ عَنْ مَحَلِّهِ وَلَوْ بِمَنَارَةٍ مُحَافَظَةً عَلَى الِاسْتِقْبَالِ يَمِينًا مَرَّةً فِي قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ وَشِمَالًا مَرَّةً فِي قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ حَتَّى يُتِمَّهُمَا فِي الِالْتِفَاتَيْنِ رَوَى الشَّيْخَانِ " أَنَّ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ: رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَهُنَا وَهَهُنَا، يَقُولُ يَمِينًا وَشِمَالًا: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، وَلَا يَلْتَفِتُ فِي قَوْلِهِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ: وَاخْتَصَّتْ الْحَيْعَلَتَانِ بِالِالْتِفَاتِ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ بَاقٍ بِخِلَافِ الْكَلِمَاتِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ كَرَاهَةِ الِالْتِفَاتِ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَاعٍ لِلْغَائِبِينَ، وَالِالْتِفَاتُ أَبْلَغُ فِي إعْلَامِهِمْ، وَالْخَطِيبُ وَاعِظٌ لِلْحَاضِرِينَ فَالْأَدَبُ أَنْ لَا يَعْرِضَ عَنْهُمْ.
فَإِنْ قِيلَ: مُقْتَضَى الْفَرْقِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الِالْتِفَاتُ فِي الْإِقَامَةِ، مَعَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الِالْتِفَاتُ فِيهَا كَالْأَذَانِ.
أُجِيبَ، بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا الْإِعْلَامُ أَيْضًا، فَلَيْسَ فِيهَا تَرْكُ أَدَبٍ.
وَيُسَنُّ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ كَمَنَارَةٍ وَسَطْحٍ، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤَذِّنَانِ: بِلَالٌ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا» .
وَلِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا تُسَنُّ عَلَى عَالٍ إلَّا فِي نَحْوِ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ فَيُحْتَاجُ فِيهِ إلَى عُلُوٍّ لِلْإِعْلَامِ بِهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنَارَةٌ وَلَا سَطْحٌ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى بَابِ الْمُصَلَّى، فَإِنْ أَذَّنَ فِي صَحْنِهِ جَازَ وَكَانَ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ.
وَأَنْ يَجْعَلَ الْمُؤَذِّنُ أُصْبُعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ فِي خَبَرِ أَبِي جُحَيْفَةَ وَأُصْبُعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ، وَالْمُرَادُ أُنْمُلَتَا سَبَّابَتَيْهِ، وَلِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلصَّوْتِ، وَيَسْتَدِلُّ بِهِ الْأَصَمُّ وَالْبَعِيدُ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسَنُّ فِيهَا ذَلِكَ.
وَأَنْ يُبَالِغَ فِي رَفْعِ