وَيَجِبُ تَرْتِيبُهُ
وَمُوَالَاتُهُ، وَفِي قَوْلٍ لَا يَضُرُّ كَلَامٌ وَسُكُوتٌ طَوِيلَانِ.
وَشَرْطُ الْمُؤَذِّنِ: الْإِسْلَامُ.
وَالتَّمْيِيزُ
وَالذُّكُورَةُ.
ــ
[مغني المحتاج]
الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ السَّابِقِ أَوَائِلَ الْبَابِ بِلَا إجْهَادِ النَّفْسِ لِئَلَّا يَضُرَّ بِهَا.
(وَيَجِبُ تَرْتِيبُهُ) أَيْ الْأَذَانِ وَكَذَا الْإِقَامَةُ لِلِاتِّبَاعِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، وَلِأَنَّ تَرْكَهُ يُوهِمُ اللَّعِبَ وَيُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ فَإِنْ عَكَسَ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ لِمَا ذُكِرَ، وَلَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْمُنْتَظِمِ مِنْهُ وَالِاسْتِئْنَافُ أَوْلَى، وَلَوْ تَرَكَ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ فِي خِلَالِهِمَا أَتَى بِالْمَتْرُوكِ وَأَعَادَ مَا بَعْدَهُ.
(وَ) تَجِبُ (مُوَالَاتُهُ) وَكَذَا الْإِقَامَةُ: أَيْ مُوَالَاةُ كَلِمَاتِهِمَا؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُ نَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ سُكُوتٍ أَوْ كَلَامٍ، وَيُسَنُّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَتَيْنِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يَضُرُّ كَلَامٌ وَسُكُوتٌ طَوِيلَانِ) بَيْنَ كَلِمَاتِهِمَا كَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَذْكَارِ، وَقِيلَ: يَضُرُّ كَثِيرُ الْكَلَامِ دُونَ كَثِيرِ السُّكُوتِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَفْحُشْ الطُّولُ فَإِنْ فَحُشَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: بِحَيْثُ لَا يُسَمَّى مَعَ الْأَوَّلِ أَذَانًا أَيْ فِي الْأَذَانِ، وَلَا إقَامَةً فِي الْإِقَامَةِ اسْتَأْنَفَ جَزْمًا.
فَإِنْ عَطَسَ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُؤَذِّنُ أَوْ الْمُقِيمُ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ سُنَّ لَهُ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ، وَأَنْ يُؤَخِّرَ رَدَّ السَّلَامِ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَالتَّشْمِيتُ إذَا عَطَسَ غَيْرُهُ، وَحَمَدَ اللَّهَ تَعَالَى إلَى الْفَرَاغِ فَيَرُدُّ وَيُشَمِّتُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ رَدَّ أَوْ شَمَّتَ أَوْ تَكَلَّمَ بِمَصْلَحَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَكَانَ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ.
وَلَوْ رَأَى أَعْمَى مَثَلًا يَخَافُ وُقُوعَهُ فِي بِئْرٍ وَجَبَ إنْذَارُهُ.
وَيُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ عَدَمُ بِنَاءِ غَيْرِهِ عَلَى أَذَانِهِ أَوْ إقَامَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ شَخْصَيْنِ يُوقِعُ فِي لَبْسٍ غَالِبًا فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الْبِنَاءِ إذَا اشْتَبَهَا صَوْتًا (وَشَرْطُ الْمُؤَذِّنِ) وَالْمُقِيمِ (الْإِسْلَامُ) فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ كَافِرٍ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ الصَّلَاةَ الَّتِي هُمَا دُعَاءٌ لَهَا، فَإِتْيَانُهُ بِذَلِكَ ضَرْبٌ مِنْ الِاسْتِهْزَاءِ، وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِيسَوِيًّا بِخِلَافِ الْعِيسَوِيِّ، وَالْعِيسَوِيَّةُ فِرْقَةٌ مِنْ الْيَهُودِ تُنْسَبُ إلَى أَبِي عِيسَى إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصْبَهَانِيِّ كَانَ فِي خِلَافَةِ الْمَنْصُورِ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أُرْسِلَ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً وَفَارَقَ الْيَهُودَ فِي أَشْيَاءَ غَيْرِ ذَلِكَ: مِنْهَا أَنَّهُ حَرَّمَ الذَّبَائِحَ، فَإِنْ أَذَّنَ أَوْ أَقَامَ غَيْرُ الْعِيسَوِيِّ بَعْدَ إسْلَامِهِ ثَانِيًا اُعْتُدَّ بِالثَّانِي، وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ فَرَاغِ الْأَذَانِ، ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَقَامَ جَازَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُعِيدَهُمَا غَيْرُهُ حَتَّى لَا يُصَلِّيَ بِأَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ؛ لِأَنَّ رِدَّتَهُ تُورِثُ شُبْهَةً فِي حَالِهِ.
(وَ) شَرْطُ مَنْ ذُكِرَ (التَّمْيِيزُ) فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ.
وَفِي اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْأَذَانِ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الصَّرْفِ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ تَعْلِيمَ غَيْرِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ.
(وَ) شَرْطُ الْمُؤَذِّنِ (الذُّكُورَةُ) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا، فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِرِجَالٍ وَخَنَاثَى كَمَا لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُمَا لَهُمْ، وَتَقَدَّمَ أَذَانُهُمَا لِغَيْرِ الرِّجَالِ وَالْخَنَاثَى، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرِّجَالِ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَشَرْطُ الْمُرَتَّبِ لِلْأَذَانِ عِلْمُهُ بِالْمَوَاقِيتِ دُونَ مَنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِجَمَاعَةٍ مَرَّةً أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِهَا، بَلْ إذَا عَلِمَ دُخُولَ الْوَقْتِ صَحَّ أَذَانُهُ بِدَلِيلِ صِحَّةِ أَذَانِ الْأَعْمَى، وَهَذَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا يَقْتَضِي أَنَّ