وَإِنْ وُجِدَتَا لَمْ تُجْبَرْ الْأُمُّ، فَإِنْ رَغِبَتْ وَهِيَ مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ فَلَهُ مَنْعُهَا فِي الْأَصَحِّ. قُلْت: الْأَصَحُّ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَصَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ اتَّفَقَا وَطَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلٍ أُجِيبَتْ، أَوْ فَوْقَهَا فَلَا.
وَكَذَا إنْ تَبَرَّعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ فِي الْأَظْهَرِ.
ــ
[مغني المحتاج]
لِلْوَلَدِ، وَلَهُمَا طَلَبُ الْأُجْرَةِ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَمِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (وَإِنْ وُجِدَتَا) أَيْ الْأُمُّ وَالْأَجْنَبِيَّةُ (لَمْ تُجْبَرْ الْأُمُّ) وَإِنْ كَانَتْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ عَلَى إرْضَاعِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: ٦] ، وَإِذَا امْتَنَعَتْ حَصَلَ التَّعَاسُرُ (فَإِنْ رَغِبَتْ) فِي إرْضَاعِهِ (وَهِيَ مَنْكُوحَةٌ أَبِيهِ) أَيْ الرَّضِيعِ (فَلَهُ مَنْعُهَا) مَعَ الْكَرَاهَةِ مِنْ إرْضَاعِهِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَصْرُوفَةِ إلَى الرَّضَاعِ، وَهَذَا أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ فِي الشَّرْحَيْنِ (قُلْت: الْأَصَحُّ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا) مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا (وَصَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِالْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا عَلَيْهِ أَشْفَقُ وَلَبَنُهَا لَهُ أَصْلَحُ، وَلَا تُزَادُ نَفَقَتُهَا لِلْإِرْضَاعِ، وَإِنْ احْتَاجَتْ فِيهِ إلَى زِيَادَةِ الْغِذَاءِ؛ لِأَنَّ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَا يَخْتَلِفُ بِحَالِ الْمَرْأَةِ وَحَاجَتِهَا.
تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ مَنْكُوحَةُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَائِنًا أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ جَزْمًا، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ إنْ تَبَرَّعَتْ لَمْ يُنْزَعْ الْوَلَدُ مِنْهَا وَإِنْ طَلَبَتْ أُجْرَةً فَهِيَ كَالَّتِي فِي نِكَاحِهِ إذَا تَوَافَقَا وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ، وَقَوْلُهُ: أَبِيهِ، أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَنْكُوحَةَ غَيْرِ أَبِيهِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُسْتَأْجَرَةً لِلْإِرْضَاعِ قَبْلَ نِكَاحِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ الْحُرَّيْنِ، أَمَّا لَوْ كَانَ رَقِيقًا وَالْأُمُّ حُرَّةً فَلَهُ مَنْعُهَا كَمَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ رَقِيقَةً وَالْوَلَدُ حُرٌّ أَوْ رَقِيقٌ قَالَ: فَقَدْ يُقَالُ مَنْ وَافَقَهُ السَّيِّدُ مِنْهُمَا فَهُوَ الْمُجَابُ، وَيُحْتَمَلُ غَيْرُهُ اهـ. وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ.
(فَإِنْ اتَّفَقَا) عَلَى أَنَّ الْأُمَّ تُرْضِعُهُ (وَطَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلٍ) لَهُ (أُجِيبَتْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] وَكَانَتْ أَحَقَّ بِهِ لِمَا مَرَّ، فَاسْتِئْجَارُ الزَّوْجِ لَهَا لِذَلِكَ جَائِزٌ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا عَقْدًا آخَرَ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَقِّ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ مِنْهُ رِضًا بِتَرْكِ الِاسْتِمْتَاعِ وَإِذَا أَرْضَعَتْ بِالْأُجْرَةِ، فَإِنْ كَانَ الْإِرْضَاعُ لَا يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَا يُنْقِصُهُ فَلَهَا مَعَ الْأُجْرَةِ النَّفَقَةُ، وَإِلَّا فَلَا.
تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْمَنْكُوحَةِ وَسَكَتَ عَنْ الْمُفَارَقَةِ، وَصَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالتَّسْوِيَةِ فَقَالَ: فَإِنْ وَافَقَا عَلَيْهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ فِي نِكَاحِهِ وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ إلَى آخِرِهِ، فَحَذْفُ الْمُصَنِّفِ لَهُ لَا وَجْهَ لَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شُهْبَةَ (أَوْ) طَلَبَتْ الْأُمُّ (فَوْقَهَا) أَيْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (فَلَا) تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ لِتَضَرُّرِهِ.
، وَلَهُ اسْتِرْضَاعُ أَجْنَبِيَّةٍ (وَكَذَا إنْ تَبَرَّعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ) بِإِرْضَاعِهِ (أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلّ) مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَوْ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ لَا يَلْزَمُهُ إجَابَةُ الْأُمِّ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الْأُجْرَةَ مَعَ الْمُتَبَرِّعَةِ أَوْ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا رَضِيَتْ بِهِ إضْرَارًا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute