للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَهْرُ سِلَاحٍ كَصِيَاحٍ، وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ كَبَالِغٍ وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَيْدٍ فَاضْطَرَبَ صَبِيٌّ وَسَقَطَ فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ.

وَلَوْ طَلَبَ سُلْطَانٌ مَنْ ذُكِرَتْ بِسُوءٍ فَأُجْهِضَتْ ضُمِنَ الْجَنِينُ.

ــ

[مغني المحتاج]

فَلَا.

(وَشَهْرُ) أَيْ سَلُّ (سِلَاحٍ) لِبَصِيرٍ يَرَاهُ أَوْ تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ (كَصِيَاحٍ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ (وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ) لَيْسَ كَصَبِيٍّ بَلْ هُوَ (كَبَالِغٍ) فَلَا دِيَةَ فِي الْأَصَحِّ لِعَدَمِ تَأَثُّرِهِ بِذَلِكَ غَالِبًا.

تَنْبِيهٌ: كَلَامُهُ فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ مُتَدَافِعٌ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَالْمُرَاهِقِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمُرَاهِقَ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَدَخَلَ فِي هَذَا الْمُمَيِّزُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِيهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ: إنْ كَانَ ضَعِيفَ التَّمْيِيزِ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَإِنْ كَانَ قَوِيَّ التَّمْيِيزِ فَهُوَ كَالْمُرَاهِقِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْأَمْرُ مَنُوطٌ بِالتَّمْيِيزِ وَعَدَمِهِ لَا بِالْبُلُوغِ، وَالْمُرَاهَقَةِ وَعَدَمِهَا مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ مُرَاهِقًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ عَقْلُهُ.

(وَلَوْ) لَمْ يَقْصِدْ الصَّبِيَّ وَنَحْوَهُ مِمَّنْ ذُكِرَ، بَلْ (صَاحَ) شَخْصٌ (عَلَى) نَحْوِ (صَيْدٍ) وَلَوْ كَانَ الصَّائِحُ عَلَى الصَّيْدِ مُحْرِمًا أَوْ فِي الْحَرَمِ (فَاضْطَرَبَ) بِهِ (صَبِيٌّ) لَا يُمَيِّزُ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّنْ سَبَقَ، وَهُوَ كَانَ عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ (وَسَقَطَ) وَمَاتَ مِنْهُ (فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الشَّخْصَ.

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَضْطَرِبْ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ اشْتِرَاطِ اضْطِرَابِ الصَّبِيِّ مُشْعِرٌ بِاشْتِرَاطِهِ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ الصِّيَاحِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلَ الْبَابِ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ.

(وَلَوْ طَلَبَ سُلْطَانٌ مَنْ) أَيْ امْرَأَةً (ذُكِرَتْ) عِنْدَهُ (بِسُوءٍ) وَأَمَرَ بِإِحْضَارِهَا (فَأُجْهِضَتْ) أَيْ أَلْقَتْ جَنِينًا فَزَعًا مِنْهُ قَبْلَ تَمَامِهِ (ضُمِنَ الْجَنِينُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ: أَيْ وَجَبَ ضَمَانُهُ بِغُرَّةٍ عَلَى عَاقِلَةِ السُّلْطَانِ.

تَنْبِيهٌ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَسْقَطَتْ لِأَنَّ الْإِجْهَاضَ مُخْتَصٌّ بِالْإِبِلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ، وَتَصْوِيرُهُمْ الْمَسْأَلَةَ بِطَلَبِ السُّلْطَانِ قَدْ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ كَوْنِ الطَّالِبِ مَرْهُوبًا؛ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَرْهُوبٍ فَلَا ضَمَانَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْأَظْهَرُ لُحُوقُ الْقَاضِي، وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَهُ سَطْوَةٌ فِي ذَلِكَ بِالْإِمَامِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: بِسُوءٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ لَوْ كَذَبَ شَخْصٌ وَأَمَرَهَا بِالْحُضُورِ عَلَى لِسَانِ الْإِمَامِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ تَهَدَّدَهَا بِلَا طَلَبٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَكَذَا لَوْ طَلَبَهَا فِي دَيْنٍ فَأَسْقَطَتْ ضُمِنَ إنْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً لِتَعَدِّيهِ، أَوْ غَيْرَ مُخَدَّرَةٍ، لَكِنَّهَا تَخَافُ مِنْ سَطْوَتِهِ، فَإِنْ لَمْ تَخَفْ مِنْ سَطْوَتِهِ وَهِيَ غَيْرُ مُخَدَّرَةٍ، فَلَا ضَمَانَ، وَطَلَبُهَا أَيْضًا لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ لَوْ طَلَبَ سُلْطَانٌ رَجُلًا عِنْدَهَا فَأُجْهِضَتْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ عَلَى النَّصِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى السُّلْطَانِ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْغُرَّةَ إنَّمَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَلِذَا قَيَّدْتُ كَلَامَهُ بِذَلِكَ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ هَلْ هِيَ حَامِلٌ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهَا؟ وَلَمْ أَرَ مَنْ يَفْعَلُهُ، وَهُوَ حَسَنٌ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: أُجْهِضَتْ عَمَّا لَوْ مَاتَتْ فَزَعًا فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ. نَعَمْ لَوْ مَاتَتْ بِالْإِجْهَاضِ ضَمِنَ عَاقِلَتُهُ دِيَتَهَا؛ لِأَنَّ الْإِجْهَاضَ قَدْ يَحْصُلُ مِنْهُ مَوْتُ الْأُمِّ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>